“النموذج المغربي” في قيادة ثورة إصلاحية متجددة ومستمرة تُغيض فرنسا “الماكرونية” وهكذا تقود الأخيرة حملة عدائية ضد المغرب

تحل بالمغرب، غدا الإثنين، الذكرى الثانية عشر لـ”حركة 20 فبراير”، وسط مطالب ودعوات لإحيائها من جديد من جهة، وحسرة على اندثارها وفشلها من جهة أخرى.

الجميع يعلم السياق الإقليمي الصعب والمتوتر الذي ظهرت فيه “حركة 20 فبراير” بالمغرب. والجميع أيضا يعلم مصدرها الغير بريء وتوجهاتها المشبوهة، على غرار ما حدث في بلدان عربية، حيث ثبت أن ما سمي بثورات الربيع العربي هو في واقع الأمر خريف أطاح بدول لا بأنظمة، ودمر اقتصاداتها وشرد فئات واسعة من شعوبها، فانتهى بها المطاف إلى حروب أهلية وتدخلات أجنبية على نطاق واسع، فعمت الفوضى، حتى باتت هي القاعدة والاستقرار استثناءً.

إن “الاستثناء المغربي” الذي يغيض الكثير، حتى دفعهم الأمر إلى تحويره وتحويله إلى موضوع سخرية، كمحاولة لتبخيس نجاح النموذج المغربي، قد أثبت أنه فعلا استثناء في صنع الاستقرار والحفاظ على التوازنات دون أي مساس بحرية التظاهر والاحتجاج مع مواصلة الإصلاح الذي في هو في الأصل ورش مفتوح ومتجدد بالمملكة، خلافا لما كان يتم الترويج له، على أنه جاء نتيجة الضغط.

لقد أكدت أحداث 2011 التي عاشها المغرب، أن المؤسسة الملكية هي فعلا صمام الأمان المملكة، ليس لأنها ضامنة لوحدتها ولاستقرارها وحسن سير مؤسسات الدولة، بل لأنها مؤسسة تملك مشروعا إصلاحيا متجددا ورؤية متبصرة للمستقبل وقدرة على التجاوب مع تطلعات الشعب بجميع فئاته.

فالمغرب لم ينتظر “20 فبراير” كي يبادر إلى خوض تجربة الإنصاف والمصالحة. ولم ينتظر “الربيع العربي” أو أي سياق متوتر آخر كي يفتح ملف الحكم الذاتي وورش الجهوية المتقدمة. ولم يُفرض عليه تحت الضغط أن يعيد النظر بشكل إيجابي في عدد من التشريعات التي لم تعد تتلائم مع ما شهده المنتظم الدولي من تحولات. وبالتالي فالإصلاح في المغرب هو ورش مفتوح متجدد ومستمر، وبناء دولة المؤسسات مسار تدريجي يحرص المغرب على مواصلته بثبات وحكمة ودون قطيعة أو تراجع.

وفي هذا السياق، تفاعل الزميل “أبو وائل الريفي”، صاحب عمود “بوح الأحد” على موقع “شوف تيفي” مع ذكرى “20 فبراير”، في عدده ليومه الأحد 19 فبراير، قائلا: “يكتشف مشاة الأحد سنة بعد أخرى عزلتهم وتوقف عقولهم عن الاجتهاد. يرسب مشاة الأحد في الامتحان دائما رغم أنهم يبحثون في كل سنة عن قضايا للتعبئة تبدو للوهلة الأولى أنها قادرة على تجميع الحشود. لماذا لا يحصدون إلا الفشل إذن؟ يجهل الرومانسيون الثوريون أن المغاربة يستوعبون جيدا حدود الممكن والمتاح ويقدرون كثيرا نعمة الاستقرار ويقتنعون بالإصلاح المتدرج في ظل الاستمرار. ويميز المغاربة بين الشعارات والمشاريع الإصلاحية”.

وأكد ذات المتحدث في هذا الصدد أن “المغاربة والأحزاب اكتشفوا أن النقلة النوعية للمغرب تتطلب قرارات شجاعة ومقاربة جديدة للشأن العام. يتطلب مسلسل التنمية في المغرب تطويرا حقيقيا للاقتصاد وإنعاشا للاستثمار وتوسعا في الشراكات وتقوية الصداقات مع القوى المؤثرة وحسن تسويق مقدرات المغرب وعناصر قوته. لن تخلق الثروة بقرارات فوقية ومناكفات سياسوية ومزايدات انتخابية”.

وتابع قائلا: “اكتشف المغاربة أن جلالة الملك امتلك القدرة على فتح هذه الواجهة وتفعيلها بعد طول انتظار للفاعلين الحزبيين والحكوميين بدون نتيجة وبعد التنبيه المتكرر لهذا الاختلال في أكثر من مناسبة كان فيها صريحا وهو يشير إلى مكامن الخلل وأسبابه. تدشين المشروع بالانفتاح على افريقيا باعتبارها عمقا وحضنا وحلفا، والعودة للاتحاد الافريقي وتطوير تعاون جنوب جنوب وتنويع الشركاء. وصفة سحرية حولت المغرب إلى قبلة للشراكة ومنحته مصداقية لدى الأفارقة وجعلته قوة إقليمية ذات جاذبية”.

وفي سياق متصل، فإن النجاحات السياسية والدبلوماسية وكذا الأمنية التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، والتي بوأته مكانة الريادة في المنطقة، أزعج دولا وأطرافا كثيرة، اعتادت التعامل مع المغرب بمنطق استعماري واستعلائي، ضاربين عرض الحائط استقلالية قراره وسيادته.

المقاربة الجديدة التي تبناها المغرب، لم تستسغيها فرنسا “الماكرونية”، ما دفعها إلى قيادة حملة عدائية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات المغربية-الفرنسية، باحثة عن إخضاعه بشتى السبل، حيث لم تترك وسيلة أو أداة سياسية كانت أو إعلامية أو حتى حقوقية، إلا ووظفتها لمهاجمة المغرب ومؤسساته.

وتفاعلا مع الموضوع، علق الزميل أبو وائل في عمود “بوح الأحد”، أن الأساليب التي تستخدمها فرنسا ضد المغرب أصبحت مفضوحة، “آخرها ما سربته جهات في الدولة العميقة لجريدة لوفيغارو، وهي بالمناسبة من المنابر التي شاركت في غذاء العمل السري مع ماكرون لتلقي التوجيهات منه حول طريقة تغطية الاحتجاجات المليونية للفرنسيين ضد قانون التقاعد، حول تحقيقات القضاء البلجيكي. قصاصة قصيرة ملغومة مليئة بالأخطاء وهدفها التضليل وناقلها صحفي مشبوه ومحتواها لا يصدقه عقل وناقلوها ومروجوها ليسوا إلا الطوابرية الأجراء في وكالة الخدمات بالمناولة التي يسيرها من الخلف الحاقدون على المغرب. من أبشع ما يمكن ان تقرأه في الإعلام الفرنسي تحليلات لا تستند إلى أي منطق وتجد من يروج لها دون التثبت والتأكد من صحة معطياتها مع أن أبسط توظيف للعقل يجعلها في خانة الفايك نيوز”.

وتابع ذات الصحفي، أن “هناك من زاد في الخيال العلمي فنشر اشتراط المغرب على فرنسا اتخاذ موقف من الجزائر لتيسير زيارة ماكرون للمغرب دون أن يقدم دليلا أو حتى إشارة تسند هذه الادعاءات الباطلة. والتحدي هنا كذلك مفتوح لناشري هذه الأكاذيب لدعمها بأدلة. ما سبب إسهال الفايك نيوز الذي أصاب أبواق الدولة العميقة في فرنسا؟ إنه سؤال جدير بأن نجيب عنه”.

وأضاف أنه “منذ أكثر من سنة وماكرون ينتظر برمجة زيارة للمغرب، ولمح لذلك وصرح به كذلك أكثر من مرة. قصر الإليزيه ينتظر من الرباط تحديد موعد الزيارة دون أن يتلقى جوابا. السبب واضح. سياسة الرباط واضحة ولا تقبل الازدواجية. ماكرون ضيف مرحب به إن راجعت فرنسا مواقفها العدائية ضد المغرب واستحضرت عمق العلاقات التاريخية والمصالح المشتركة مع المغرب واحترمت استقلالية القرار المغربي”.

واختتم ذات المتحدث قوله بشأن هذا الموضوع أنه “لا يشترط المغرب على فرنسا معاداة الجزائر لأنه شأن لا يهمه في شيء، وتحسن العلاقات الجزائرية الفرنسية لا يضر المغرب. الضرر الحاصل من فرنسا سببه غموضها في قضايا تهم المغرب وازدواجيتها ونفاقها واستهدافها لمصالح المغرب وتضايقها من المغرب ورغبتها في إخضاع العلاقة الثنائية لمنطق التابع والمتبوع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى