رئيسة جمعية حقوق الضحايا بالمغرب: “خلود مختاري لم تتفاجئ من قرار الحكم على زوجها سليمان الريسوني لأنها تعلم أنه مذنب”

عقدت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا ندوة، عصر اليوم الخميس 24 فبراير الجاري، بمقرها بالدار البيضاء، للحديث عن معاناة ضحايا الاعتداءات الجنسية، وعن مسألة تنفيذ الأحكام القضائية فيما يخص التعويض الهزيل والضعيف من أجل جبر ضرر هذه الاعتداءات، حيث كان عنوان هذه الندوة: “معاناة ضحايا الاعتداءات الجنسية بالمغرب.. الخوف من الضجة القضائية والإقصاء الاجتماعي وكل مظاهر العنف المضاد”.
وفي كلمة لها، أشارت رئيسة الجمعية المحامية “عائشة كلاع”، إلى “كل هذه المعطيات تكبل ضحايا الاعتداءات الجنسية، وكل الأطراف..”، متسائلة “لمن ستلجأ ويلجأ ضحية الاعتداء الجنسي..” في ظل كل هذه المعطيات.
وأبرزت عائشة كلاع أننا “اليوم نعتبر أنفسنا في الجمعية المغربية لحقوق الضحايا، أخذنا على عاتقنا هذه المهمة”، التي اعترفت واعتبرت أنها “مهمة مكلفة وصعبة، وأنها مهمة نضالية”، لأنه “ليس من السهل لا على الضحايا ولا على الجمعية أن تتحمل مسؤولية ملف كبير، له أبعاد قانونية، سياسية، اجتماعية، ثقافية وسيوسيوثقافية.. وهو ملف عميق ومتشعب وله أبعاد كثيرة”، حسب توصيف رئيسة جمعية حقوق الضحايا.
لتعود ذات المتحدثة لتؤكد أن “هؤلاء الضحايا هم الحطب الذي سيحترق لكي تتوفر الحماية لضحايا آخرين في المستقبل..”.
وأضافت كلاع أن هؤلاء الضحايا “سيؤدون الثمن وسيؤدون ضريبة جرأتهم”، مضيفة كذلك بالقول “سنؤدي جميعا ضريبة النضال من أجل حماية ضحايا الاعتداءات الجنسية”.
وكشفت رئيسة الجمعية أن “الكل تتبع صدور قرار الغرفة الجنائية الاستنئافية في ملف ضحية المتهم سليمان الريسوني، الشاب محمد آدم”، الذي اختار الحضور والظهور بوجه مكشوف، بعد أن “كانت له الجرأة لفضح الاعتداءات الجنسية داخل مجتمع مازال بعيدا كل البعد على تقبل مثل هذه الجرأة والشجاعة لكسر جدار الصمت فيما يخص هذا النوع من الاعتداءات الجنسية”، تقول عائشة كلاع.
وتابعت المحامية كلاع: أن “هذا النوع من الممارسات، من الأسف هناك سعي في المجتمع من أجل السكوت عليها، وهو السكوت الذي يجعل هذه الممارسات تتزايد وتتكاثر وتخلق مشاكل عديدة داخل المجتمع”.
وقالت كلاع أن ملف الريسوني الذي أدين ليلة الأربعاء/الخميس بتأييد المحكمة استئنافيا للقرار الجنائي الابتدائي، وأنه “في الوقت الذي يكون ملف من هذا القبيل، وهو ملف عادي، يتم تحويله بقدرة قادر إلى ملف غير عادي، عبر الاستقواء بالمنظمات الأجنبية، الاستقواء بمحامين أجانب”.
وتابعت المحامية حديثها بنبرة متأسفة أن هذه السلوكات توحي “وكأن هذا البلد يفتقر إلى كفاءات قانونية وقضائية في مجال الاعتداءات الجنسية، وفي مجال الجرائم والجنايات الجنسية”.
كما نددت من جهة أخرى باللجوء إلى “استغلال رئيس منظمة (مراسلون بلا حدود) للجوء إلى طلب العفو من جلالة الملك على المتهم سليمان الريسوني”، معتبرة أنه بمثل هذه الممارسات “وصلنا إلى درجة العبث بمؤسسات هذا البلد وباستقلال قضاء هذا البلد وبسيادة القانون فيه، وذلك عبر اللجوء إلى محامين أجانب وإلى بيانات غايتها التشهير بضحايا الاعتداءات الجنسية”.
وخلال الندوة ذاتها أكدت رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا أن “دفاع ضحايا الاعتداءات عندما امتلك الجرأة، لأن المفروض هو اللجوء إلى القضاء”.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي دشن فيه المغرب “مسار استقلال السلطة القضائية واستقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، هناك من يطعن في هذا المسار” ، معتبرة أنه “مسار تجربة سياسية بسيطة للمغرب على درب استقلال السلطة القضائية، الذي كان مطلبا للمناضلين والمناضلات الذين خبروا السجون وأماكن الحرمان من الحرية في هذا البلد”، في ظل هذا كله “يأتي اليوم من يعتبرون أنفسهم مناضلين وحقوقيين من أجل الضرب في هذا المكتسب الذي استطاع المغرب أن يصل إليه بالمقارنة مع دول سبقتنا في إطار الديمقراطية حقوق الانسان”.
كما ذكرت كلاع بما تردد في ندوة مساندي توفيق بوعشرين الذين قالت إنهم “طالبوا بمحاكمة ضحايا الجاني المدان في قضية الاتجار بالبشر…!!
وأكدت ذات المتحدثة أن “الضحايا اللواتي تعرضن لاعتداءات جنسية وتحملن ما يتعرضن له، من خلال المجتمع ككل الذي لم يقبل جرأتهن، واللواتي يعشن معاناة اجتماعية حقيقية مهنية، شخصية وعائلية، ورغم ذلك يأتي اليوم من يطالب بمحاكمتهن”، وهم أناس قالت المتحدثة ذاتها أنهم “يحللون الوقائع والأحداث بمنطق العشيرة…”!!!
كما عادت كلاع لتتساءل قائلة: “هل يكفي أن يكون الجاني صحافيا لكي يتم فرض التضامن معهم..؟؟”، مشيرة إلى أنه “لو كان الأمر كذلك، فماذا وقع بعد أن لجأ توفيق بوعشرين إلى رئيس الحكومة الأسبق..؟ ولو كان هناك مجال لحل هذا المشكل بأي طريقة لكان عبد الإله ابن كيران تدخل..”، تقول عائشة كلاع، التي أشارت إلى أن المتهم بوعشرين “لجأ إلى وزير العدل والحريات، ولجأ إلى المنظمات الدولية من أجل الضغط على المغرب…”، وهو ما اعتبرته بمثابة “إقرار منه بأنه متابع من أجل جرائم جنسية”.
وأكدت كلاع أن “من يبحث عن حل ودي لأفعال إجرامية ارتكبها، فهو يقر بأنه ارتكب تلك الأفعال”، موضحة أن “بوعشرين لم يتابع ولم يدان من أجل آرائه أو مقالاته الصحافية أو في إطار حرية الرأي والتعبير”، وهو الشيء ذاته بالنسبة للمتهم سليمان الريسوني، الذي لم يتابع بدوره من أجل آرائه أو مقالاته الصحافية أو مواقفه السياسية، وإنما من أجل اعتداءات جنسية.
وأشارت كلاع إلى ما صرحت به زوجة الريسوني بعد صدور القرار الجنائي الاستئنافي التي قالت إن “القرار لم يفاجئها”، حيث أكدت عائشة كلاع أن “الحكم بالفعل لن يفاجئها لأنها تعرف أن زوجها ارتكب الأفعال الإجرامية في حق الضحية آدم”، و”لن يفاجئها لأنها تعلم كل الخبايا وجميع التفاصيل في ما وقع للضحية آدم على يد زوجها، وربما تكون الزوجة قد دبرت هذه الأفعال والتحضير لكل هذه الجرائم التي ارتكبت في حق الضحية آدم” تقول كلاع.
وأضافت المتحدثة أنه “عندما يتم اللجوء إلى القضاء يتم طلب العدل لجميع الأطراف، في إطار احترام شروط المحاكمة العادلة والضمانات التي تتيحها هذه المحاكمة”، وأن “من يلجأ إلى الإضراب عن الطعام أو يلجأ إلى مقاطعة جلسات المحاكمة، ومن يلجأ إلى المنظمات الدولية أو محامين دوليين يكون هدفه من ذلك واضحا وضوح الشمس، وهو الضغط على القضاء”، مشيرة إلى أن “سليمان الريسوني اضطر في مرحلة الاستئناف من المحاكمة إلى تغيير استراتيجية دفاعه، إذ حضر إلى المحكمة وناقش الوقائع من داخل ملف القضية، وما راج بينه وبين الضحية آدم ، سواء المكالمات الهاتفية أو التسجيلات وكل الوقائع التي كانت موضوع المتابعة المتعلقة بالعنف في حق الضحية آدم”.
واختتمت حدتيها بالقول: لو أن المحكمة أقرت بالبراءة، لاعتبر مساندوه أن “المحاكمة توفرت فيها شروط المحاكمة العادلة، ومادام أن المحكمة قضت بإدانة المتهم لأنها اقتنعت بكل ما راج أمامها، وبأن الأفعال المرتكبة ثابتة في حق المتهم والاتهامات التي وجهت إليه من طرف قاضي التحقيق وقبله من طرف الوكيل العام للملك، ثابتة في حقه”، ذلك أن الريسوني في كلمته الأخيرة التي ألقاها أمس الأربعاء أمام المحكمة “لم يلامس الوقائع، ولكن حاول المراوغة على الهوامش التي لا تؤسس لبراءته، وإنما تثبت إدانته فيما يخص الأفعال المنسوبة إليه”.