كاريكاتير | فؤاد عبد المومني بين الترويج للأخبار الكاذبة وتقويض قيم “العمل الحقوقي”

في زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى مصداقية الخطاب الحقوقي ووضوحه، تأتي تصرفات بعض “الناشطين” لتطرح تساؤلات جوهرية حول الالتزام بالقيم التي يُفترض أن يمثلها هذا المجال. ومن بين هؤلاء، يبرز فؤاد عبد المومني كحالة مثيرة للجدل، حيث تورط مؤخرًا في نشر أخبار زائفة ومضللة أثارت موجة من الانتقادات، ليس فقط بسبب عدم دقتها، بل لما تحمله من تهديد لقيم الشفافية والمسؤولية.
آخر شطحات عبد المومني تمثلت في نشره على حسابه الشخصي في “فيسبوك” خبرًا يدعي فيه اعتقال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، بسبب موقفه من قضية الصحراء المغربية. هذه المعلومة سرعان ما كُشفت كذبًا بعد أن نفى غالي نفسه صحة الادعاء، مما أثار استغرابًا واسعًا حول الأسباب التي دفعت عبد المومني إلى نشر خبر بهذه الخطورة دون التحقق من صحته.
هذه الواقعة ليست منعزلة، بل تأتي ضمن سلسلة من الأخطاء السابقة. ففي واقعة مشابهة، نشر عبد المومني صورة مفبركة نُسبت إلى صحيفة “نيويورك تايمز”، تظهر مشجعين مغاربة بتعليق مهين وغير حقيقي حول “المجاعة”. ورغم سحب المنشور لاحقًا، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل.
ما يثير القلق في ممارسات عبد المومني ليس فقط نشر الأخبار الكاذبة، بل منهجيته في التعامل مع المعلومات. إذ يعكس هذا السلوك نوعًا من اللامسؤولية وغياب احترام معايير الدقة والحياد. كناشط حقوقي، يُفترض أن يكون عبد المومني نموذجًا في التزام الحقيقة ونشرها بمهنية، ولكن تصرفاته الأخيرة أظهرت العكس تمامًا.
إن نشر أخبار زائفة في وتعمد ذلك بشكل متواتر وممنهج لا يمكن تفسيره إلا كجزء من أجندة تهدف إلى إثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار. وهو أمر يتناقض مع الدور الأساسي للحقوقيين الذي يتمثل في تعزيز الحوار البناء وإرساء ثقافة الاحترام المتبادل.
وفي ضوء هذه الأخطاء المتكررة، بات من الضروري أن يخضع عبد المومني ومن يتبنى نفس النهج للمحاسبة الأخلاقية والمهنية. فالمصداقية ليست مجرد اختيار شخصي، بل التزام جوهري يجب أن يحكم كل خطاب حقوقي. كما أن الاعتذار وحده لا يكفي؛ المطلوب هو مراجعة جذرية للممارسات القائمة والعودة إلى الأسس الأخلاقية التي تحكم العمل الحقوقي.
تصرفات فؤاد عبد المومني تسلط الضوء على أزمة أعمق في كيفية إدارة الخطاب الحقوقي في المغرب. فالأمر يتجاوز الأخطاء الفردية ليصبح جزءًا من نقاش أوسع حول المسؤولية والشفافية في هذا المجال.
إن العمل الحقوقي أو النضال الحقوقي ليست مجرد شعارات أو منابر للظهور، بل مسؤولية جماعية تتطلب الصدق، المهنية، والاحترام التام لحقيقة الوقائع. وإذا استمر هذا النوع من التصرفات دون محاسبة، فإن الخاسر الأكبر سيكون “المشروع الحقوقي” برمته، الذي يطمح إلى بناء مجتمع أكثر عدالة واحترامًا للإنسان، وفق مزاعم من يتبنى هذه الشعارات.