مصدر أمني يفكك قانونيا تجاوزات سعيدة العلمي ويؤكد: “هناك فرق واضح بين حرية التعبير وبين الجرائم الناشئة عن إساءة التعبير”

مباشرة بعد تداول خبر استدعاء سعيدة العلمي للتحقيق ومن تم إخضاعها لتدبير الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة المختصة، حتى خرج بعض ممن يتقنون حرفة “انصر أخاك ظالما أو مظلوما” لترويج أسطوانة الاستهداف لشخص العلمي بسبب آرائها السياسية أو دعمها لأشخاص هم محط متابعة قضائية في قضايا مختلفة.
ولعل من أبرز ما قيل دفاعا عن سعيدة العلمي المتهمة بإسدال أوصاف ونعوت قدحية على شخص موظفين عموميين وبخاصة رجال الأمن أثناء القيام بأعمال تندرج ضمن مهامهم، هو ما كتبه أحد الفاعلين الحقوقيين حيث قال ما معناه: “الدولة القوية لا يزعجها أبدا أن يكتب مئات الأشخاص منتقدين السياسات العمومية بطريقة حادة. ولا يعتبر مسؤولو تلك الدول أن نعتهم بالعصابات أو المافيا أو اللصوص أو المجرمين مما يستوجب قذف الناس نحو المعتقلات أو ردهات المحاكم. تلك هي ضريبة المسؤولية. يعرف المسؤول (رجل الدولة الحقيقي) أن مثل تلك الكلمات في المجال التداولي للسياسة لا تحتمل المعاني نفسها في المجال الجنائي أو حتى في المجال الأخلاقي”.
ورفعا لأي لبس أو ترويج للرواية الواحدة، ارتأى مصدر أمني مقاربة أفعال المتهمة سعيدة العلمي من الناحية القانونية، والكشف عن مدى خطورتها.
وإثر ذلك، أكد ذات المصدر، إن المعنية بالأمر وهي تعمدت مهاجمة موظفي الأمن باستعمال أوصاف قدحية من قبيل “القواويد والجرذان” لم تكن بصدد انتقاد السلطة بشكل حاد أو حتى عندما وجهت لهم نعوت “الأوغاد والمليشيات” فهي كانت تصدر إهانات مباشرة وواضحة غايتها القذف والتجريح لأشخاص بعينهم بعيدا كل البعد عن السياسة وعوالمها.
وعن طبيعة المحتوى الذي تكتبه العلمي، أكد المصدر الأمني أن سلسلة النعوت التي وزعتها على موظفي إنفاذ القانون على غرار “الكلاب الضالة” و”أصحاب الجرم والعهر والأوغاد”، تتنافى قطعا والطرح القائل بأنها لا تسعى إلى تصريف العنف والكراهية أو حتى التمييز عبر كتاباتها. وهل كم الشتائم الصادرة عنها، يتساءل المصدر ألا تعتبر قذفا وإهانة صريحين من المنظور القانوني والأخلاقي حتى؟
ولتوضيح الصورة أكثر، ساق المصدر الأمني جملة من الأمثلة تتقاطع في وقائعها إلى حد كبير مع ما أقدمت عليه سعيدة العلمي والمآل القانوني الذي انتهت إليه القضايا المشابهة في دول مختلفة.
وفي هذا الصدد، لفت المتحدث الانتباه إلى أن القضاء الفرنسي سبق له وأن بث في قضية سائق مخمور عام 2020 بثمانية أشهر حبسا، من بينها أربعة أشهر موقوفة التنفيذ، بسبب توجيهه رسائل نصية إلى دركيين في مقاطعة Beauvais تتضمن عبارات مسيئة وحاطة من الكرامة.
واستعرض المصدر أحكاما مماثلة صدرت عن القضاء الفرنسي، من بينها الحكم الصادر عن محكمة montargis والذي أدانت بموجبه شخصا يبلغ من العمر 48 سنة بسنة حبسا موقوف التنفيذ بسبب عبارات، اعتبرتها المحكمة مسيئة لممثل وكيل الجمهورية. كما قضت محكمة Montluçon كذلك بإدانة ناشط من أصحاب “السترات الصفراء” بالحبس الموقوف التنفيذ، بسبب قذفه لشرطيين عبر حسابه في “فيسبوك” خلال الفترة الممتدة ما بين 17 أكتوبر و06 دجنبر 2019.
وفي سياق متصل، أدلى المصدر الأمني بحكم صادر عن القضاء الأمريكي في حق أحد ساكنة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، يدعى Robert Peralta، والذي تمت متابعته من أجل التحريض وازدراء مسؤول أمني وأفراد عائلته عندما حرض في فيسبوك على “استهداف منزل هذا المسؤول الأمني”.
وخلص المصدر الأمني إلى أن إهانة وشتم الهيئات المنظمة بشتى النعوت والأوصاف القدحية إنما هو جرم تعاقب عليه كافة دول العالم وليس المغرب فقط. وأي تصنيف للمسألة على أنها سياسة لتكميم الأفواه وتأديب من جاء دورهم إنما هو تبخيس للقانون ولعمل المشرعين.