كيف تصبح معارض في 5 أيام وبدون معلم

إن كانت هناك أقلام مغربية، نساء أو رجالا، طبعوا الساحة الإعلامية المغربية بحنكتهم واحترافيتهم في تداول الخبر ونقله إلى عامة القراء بكل صدق وأمانة، وخلدوا أسمائهم بحروف من ذهب في مهنة المتاعب، إلى أن هناك أشباه الصحافيين، ممن تكالبوا على الزمن والمهنة، وظنوا أن أخذ صورة مع الزفزافي الأب ستجعل منك صحافيا استقصائيا لا يشق له غبار وأن أسمك أصبح يضاهي كبار الأسماء في الصحافة المكتوبة.

الأكيد أن قلة استفادت من عامل الصدفة لتجعل الكل يتكلم عنها، عوض أن ترسخ اسمها من خلال تحرير المقالات الجادة والبحث عن المعلومة، بل هم فقط اكتفوا بإعادة تدوير البيانات الصحفية مع وضع اسمهم تحت أو فوق المقال، وبدون خجل أو حياء.

هاجر الريسوني وإن خذلتها الأيام في جعل اسمهما مقرون بأسماء لمعت في الصحافة المغربية الناطقة بالعربية ولو بصغر سنهم، إلا أنها وجدت ضالتها في ولوج عالم خالف تعرف، وأنا معارض إذن أنا موجود.

كمتتبع لصحافتنا الوطنية، لولا فضيحة هاجر مع الشاب السوداني وسجنها، قبل العفو عليها فيما بعد، ما كنت لأعرف اسمها أو أقرأ عنها. فقبل سجنها كان أكبر إنجاز قامت به في عوالم الكتابة هي أخذ صورة مع أحمد الزفزافي، وكأن ذلك تحقيقا صحافيا سيجعلك تحصل على الجائزة الوطنية للصحافة المكتوبة.

الشابة الريسوني وجدت ضالتها في محاكمة عمها سليمان الريسوني، وقبلها تجربتها وسط أربعة أحيط، للتحول إلى معارضة من قبل الخرطوم على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وتشارك في الندوات الافتراضية لتدلي بدولها في مناقشة القضاء وحرية التعبير والرأي والصحافة في خطر والظلم والتعذيب ولا طير يطير ولا وحش يسير في هذا البلد.

يبدو أن انتقالها إلى العيش، رفقة زوجها، في العاصمة السودانية الخرطوم سرع إتمامها لقراءة الكتيب “كيف تصبح معارض في 5 أيام وبدون معلم”، فأصبحت بذلك تعتقد أن لها من الصيت ما يجعل تدويناتها الفيسبوكية وتغاريدها على تويتر مرجع فكري في عالم الانتقاد والمعارضة، وأنها تخشى على وطنها أكثر من كل المغاربة أنفسهم، وأنها هي ومن يسترزقون بآفات الناس ويتاجرون بالفضائح أن القضاء فاسد وأنه قضاء التعليمات، بل هم أول من يلجئ لهذا القضاء وهم من يشكرون السلطة عند حمايتهم وإقرار الحق لهم.

كم من آدم (طفل) هتك عرضه ؟ وكم من سليمان (مغتصب) مازال حرا طليقا؟ وكم من آدم لا يجد من يتضامن معه ؟ أليس في المغرب فقط عمر الراضي والمعطي منجب وسليمان الريسوني لنتضامن معهم، رغم أن قضاياهم كانت أمام مجرى العدالة ويسري عليهم ما يسري على غيرهم في حالة ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون. أين هاجر الريسوني من الدفاع عن القضايا العادلة التي تخص الوطن ؟

فالقضاء الذي نشكره عندما ينصفنا ونذمه عند معاقبتا وإن كنا فعلا مخالفين للقوانين، فهو نفسه من أدان سليمان الريسوني بالسجن والغرامة، وقبله من سولت له نفسه استغلال ضيق الشغيلات لاستغلالهم جنسيا، وكل مخالف للقانون.

يبدو أن ذاكرة هاجر الريسوني خانتها، ونسيت أو تناست أنها هي شخصيا من تغنت بالقضاء المغربي واصفة إياه بالمنصف، بعد أن أيدت محكمة الاستئناف بطنجة، قبل أيام من الشهر الجاري، الحكم على المتهمين بقتل والدها، حيث وصلت الأحكام إلى 20 نافذة في حق بعض المتهمين وتعويض قدر ب300 مليون سنتيم للطرف المدني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى