قضية بيغاسوس | جامعي فرنسي: لا يمكننا باسم حرية التعبير أن نحظر على المغرب اللجوء للقضاء بعد التشهير بمؤسساته فوق الأراضي الفرنسية
فنذ المغرب جميع الاداعات والاشاعات والأخبار الملفقة التي تخص قضية ”بيغاسوس”، وفي حين أن المملكة المغربية منخرطة حاليًا في دعوى قضائية ضد مجموعة من وسائل الاعلام الفرنسية بسبب تهمة التشهير، تساءل إيمانويل دراير، الأستاذ المشارك في كليات القانون والأستاذ بكلية الحقوق بجامعة السوربون (جامعة باريس 1)، في مقال خص به جريدة “Valeurs Actuelles” بعنوان : ” هل للمملكة المغربية الحق في الدفاع عن شرف مؤسساتها ؟ “.
واضاف إيمانويل دراير، هل من الطبيعي ألا تتمكن دولة من الدفاع عن نفسها عندما يتم التشهير بها ؟ هل يمكن منع دولة أجنبية من الوصول إلى العدالة في فرنسا للدفاع عن شرف إحدى مؤسساتها التي شنت عليها الصحافة الفرنسية حملة إعلامية شرسة ؟ السؤال الذي يطرح نفسه هنا ليس مسألة حرية التعبير. وليس بالضرورة أنه سيتم إدانة صحفيين ومحررين فرنسين عندما سيتم المرافعة في قضية التشهير داخل قاعة المحكمة. فهل يمكننا، بحجة توفير مزيد من الحماية لحرية التعبير، حظر الترافع في القضاء مع ترك إمكانية الاحتجاج للدولة الأجنبية إلا عبر القنوات الدبلوماسية؟
واكد دراير أنه يجب طرح تساؤلات، على هامش قضية بيغاسوس، التي اتهمت خلالها أجهزة المخابرات المغربية بالتجسس على عدد من الشخصيات المغربية والفرنسية. لكن المملكة المغربية فندت الأمر و انخرطت منذ مدة في مسار تحريك الدعوى القضائية ضد كل من يشهر بسمعتها دون سند قانوني، خصوصاً وانه لم يتم تقديم أي دليل بخصوص استعمال المغرب لبرنامج بيغاسوس. فهل يمكننا رغم ذلك منع المملكة المغربية من الوصول إلى العدالة في فرنسا للتنديد بتشهير مؤسساتها؟
وعلاقة بالموضوع، فقد قضت محكمة النقض، سنة 2018، بأنه لا يوجد نص قانوني “يسمح لدولة أجنبية، أكثر من الدولة الفرنسية، برفع دعوى تشهير على أساس قانون 29 يوليو 1881 بشأن حرية الصحافة، لا يمكن مقارنة دولة بالفرد حسب الفقرة 1 من المادة 32 من القانون السالف الذكر”. ثم تم الإصرار على حقيقة أن الدول الأجنبية، في هذا الصدد، في نفس الوضع مثل الجمهورية الفرنسية. لكن، حسب إيمانويل دراير، القاعدة المنصوص عليها على هذا النحو لها حدودها الخاصة: بينما يجب السماح بالحرية الكاملة في استجواب الدول من أجل تشجيع النقاش حول سياساتها وأفعالها، لا ينطبق الأمر نفسه بالضرورة عندما يتعلق الأمر باستجواب مؤسسة أو إدارة معينة.
واضاف إيمانويل دراير، إذا كانت مؤسسات الجمهورية الفرنسية تتمتع بحماية خاصة، فلماذا لا تخص مؤسسات الدول الأجنبية بنفس الميزة؟ المؤسسات الفرنسية محمية بشكل خاص من التشهير العلني بموجب المادة 30 من قانون 29 يوليو 1881 ، ويتم تطبيق عقوبات مشددة على نشر الملاحظات التي تشكك في سلطة الجمهورية الفرنسية أو تضعف مؤسساتها. فلماذا حرية التعبير يجب أن تكون مختلفة عندما يتعلق الأمر بمؤسسات دولة أجنبية؟ لماذا نتسامح في ما يتعلق بتشهير مؤسسات الغير فيما لا نتسامح بتشهير بمؤسساتنا؟ يبدو أن احترام مبدأ المساواة مهدد..
وبعد استشارة المملكة المغربية بشأن هذه المسألة، أكد دراير أن الدولة المغربية مقبولة لرفع دعوى مدنية على أساس المادة 32 ، الفقرة 1 ، من قانون 29 يوليو 1881 الذي يجرم التشهير العلني بالفرد، عندما يدعي أنه يتصرف نيابة عن إحدى مؤسساته التي تم التشهير بها علنًا. فلا يمكننا بالفعل أن نتخيل أننا بحجة الدفاع عن حرية تعبير المؤسسات الصحفية الفرنسية، نحظر في فرنسا الوصول إلى العدالة لدولة يتم التشهير بمؤسساتها على أراضي الجمهورية؟ يجب الحفاظ على حرية أي دولة في الوصول إلى القضاء بشكل حتمي لأن حرية التعبير، بدون عقلانية، تفقد كل معانيها، فإذا أصبح من الممكن قول أي شيء، فلم يعد للحقيقة أي مفاد.



