الجزائر | مشاريع بالملايير لا ترى النور ونظام العسكر لا يعرف سوى لغة النهب.. ميناء “الحمدانية” نموذجا

لطالما سمعنا النظام الجزائري، سواء على لسان الرئيس تبون أو الجنرال شنقريحة، يعلن للعالم أن الجزائر أقوى دولة في المنطقة على جميع المستويات.

تصريحات لا تكاد تمر عليها أكثر من 24 ساعة، حتى تتحول إلى مادة دسمة للسخرية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ما يصفونه الجزائريون أنفسهم، قبل عامة الناس في مختلف بقاع العالم، بـ”أساطير العسكر” الذي من شدة تكرارها، صدقها واعتقد بالفعل أنها حقيقة، بينما يعيش الشعب الجزائري على وقع أزمات اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة.

ردة الفعل ذاتها انتابتنا بعدما صادفنا مقطع فيديو لقناة الحدث على “فيسبوك”، يتحدث عن إنجاز الجزائر لأحد أكبر الموانئ بالعالم، بتمويل جزائري-صيني مشترك، بكلفة تصل لـ6 مليار دولار، والسبب راجع إلى طبيعة المشروع نفسه الذي تم تجميده لـ7 سنوات كاملة، وسيتطلب 7 سنوات أخرى لإنجازه، هذا في حالة ما إذا كانت أشغاله قد انطلقت فعلا. أي أننا نتحدث عن 14 عاما بالكاد ستنجز فيها الجزائر ميناءً “ضخما”، يدعي النظام أنه سيحولها إلى قوة اقتصادية رائدة في المنطقة.

فبالله عليكم، كيف لا تنتابك رغبة في السخرية، في الوقت الذي استطاع المغرب إنجاز “ميناء طنجة المتوسط” الذي يعتبر ضمن أهم 20 ميناءً في العالم، في ظرف 4 سنوات فقط. والأشغال جارية على قدم وساق حاليا في شطره الثاني. كما يرتقب انطلاق العمل بميناء الناظور غرب المتوسط خلال سنة أو سنتين على أقصى تقدير، ناهيك عن ميناء الداخلة الأطلسي الجديد الذي شارفت دراساته على الانتهاء. وما هذا إلا قليل من كثير مما تم إنجازه في المغرب خلال نفس الـ14 عاما التي تَطلّبها ميناء “الحمدانية” بالجزائر والذي لم ير النور بعد.

ميناء “الحمدانية”، الذي أُعلن عن إنجازه في عهد بوتفليقة بنفس التمويل المشترك (صيني-جزائري)، قُدرت كلفته آنذاك بـ3.3 مليار دولار، لتتراجع الجزائر بعدها بمبرر المبالغة في تقدير الميزانية اللازمة، وطلب على إثرها بوتفليقة إعادة النظر في دراسة الجدوى، قبل أن يُجمّد المشروع لمدة 7 سنوات، ليعود بعدها إلى الواجهة بعدما قفز غلافه المالي بقدرة قادر من 3.3 مليار دولار إلى 6 مليار دولار.

خطوة فسّرها مراقبون أنها راجعة في الحقيقة إلى سعي قيادات بارزة في الجيش الجزائري تحت غطاء لوبيات رجال الأعمال المقربون من النظام والمعروفين بتاريخهم الطويل في الاختلاسات والفساد المالي، إلى نهب المال العام بذريعة “المشروع الضخم”، وذلك على غرار عدد كبير من المشاريع بالجزائر التي، إما أنها لم تر النور أو أنها تعثرت لعشرات السنوات بسبب الفساد والإهمال.

ولعل فضيحة الطريق السيار شرق – غرب الذي التهم ما يفوق 16 مليار دولار ولم يكتمل إلى اليوم، خير مثال من جملة أمثلة كثيرة ومتعددة من المشاريع التي تكلف الجزائر الملايير ولا ترى النور، بسبب الفساد واختلاس الأموال العامة من طرف المسؤولين ورجال نظام العسكر.

وكان هذا المشروع قد أطلق سنة 2006 على أن يكون جاهزا للاستعمال بعد أربع سنوات من إطلاقه وبكلفة مالية حددت في 6 مليارات دولار. إلا أن المشروع الذي لم يُستكمل بعد، تشوبه عيوب في المقاطع المنجزة منه، فضلا عن كون غلافه المالي قفز إلى 16 مليار دولار، وفق تقديرات رسمية.

وإلى جانب فضيحة الطريق السيار شرق – غرب، نتذكر أيضا مشروع تطهير وتهيئة وادي الحراش الذي كلف الملايير وبدأت أشغال تهيئته سنة 2012، وكان من المقرر أن ينتهي سنة 2016، إلا أنه لم يكتمل بعد إلى يومنا هذا.

هذا بالإضافة إلى الوضع الصحي الكارثي التي تعيشه الجزائر هذه الأيام، وعجز منظومتها الصحية -التي قال عنها الرئيس تبون أنها الأفضل في المغرب العربي وإفريقيا- عن مواجهة جائحة كورونا والتي بالكاد قامت بتلقيح 2% من مجموع السكان. فكيف إذن سيتحقق وعد تبون بإنتاج لقاح ضد كوفيد-19 “في غضون 6 إلى 7 أشهر” الذي أعلن عنه في فبراير الماضي والذي لم يعد أحد يتحدث عنه اليوم؟

خلاصة القول أن نظام العسكر بالجزائر، بالإضافة إلى كونه فاقدا للشرعية، فهو غير قادر على التخطيط على المدى البعيد، وغير قادر على الالتزام بوعوده بإنجاز الأوراش “الكبرى” التي يعلن عنها ويخصص لها حملات “بروباغندا” واسعة فقط من أجل الاستهلاك الداخلي، والحقيقة أن لا شيء مما يعلن عنه يرى الوجود على أرض الواقع، وحتى إن أنجزت إحدى المشاريع، فإنها تستغرق عشرات السنين وتكلف خزينة الدولة أضعاف التكلفة الحقيقية.

وهذا ما لمّح إليه ضمنيا مقطع الفيديو السابق الذكر حول مشروع ميناء “الحمدانية”، عندما تسائل عما إذا كانت الجزائر فعلا قادرة على إنجازه، بالنظر إلى التعثر الكبير الذي عرفه لأزيد من 7سنوات.

وللإشارة فإن الفيديو المذكور كان قد نشر في أبريل 2021، وأعيد نشره منذ يومين على نفس الصفحة، أي أن التساؤل حول ما إذا كانت الجزائر فعلا قادرة على إنجاز المشروع المزعوم ظل مطروحا منذ أزيد من 4 أشهر، ولازال مطروحا إلى حدود اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى