الجزائر تفقد البوصلة.. سيناريوات إرهابية مُخْتَلَقَة وأداء تمثيلي ديال “الله يحسن العوان”

قلناها ولا زلنا نقولها ابتلانا الله بجار شغله الشاغل أن يكنس أزباله ويضعها في أكياس ثم يلقي بها أمام باب بيتنا، في حركة بليدة هدفها استفزازنا أو حتى اختبار مدى رصانة مواقفنا تجاه كل من يحاول عرقلة طريقنا.
الكذب التطاول أو حتى الباطل، اختلفت الطرق لكن الغاية واحدة، اتخاذ المغرب كعدو وهمي لمن لا عدو له، لأن في ذلك منافع كثيرة وشفاء من الأسقام، لا تعلمها إلا جارتنا الشرقية صاحبة الأزبال. فبالنظر إلى حجمها البئيس بين الأمم، فإنها تحاول جاهدة الاستفادة من صورة المغرب المشرق إقليميا ودوليا. وبالتالي فلا بأس إن كان هذا الكره اتجاه المغرب كفيل بإنقاذ الجزائر من السكتة القلبية.
لم يسبق وأن سمعنا بدولة تحبط مخططا إرهابيا عبر أجهزتها الأمنية، وتخرج للرأي العام الوطني ببلاغ رسمي تعتمد فيه أسلوب التباكي ومنطق “نحن مستهدفون”. كيف ذلك والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية تحظى حصريا بهذا الشرف، لأن لها سجلا حافلا في قذف أزبالها نحو بوابة جيرانها كأسهل وأضمن طريقة لتضييع وقت جارها في تنظيف مخلفاتها المتناثرة على بوابته. لكن غباء حراس معبد “تبون” لا يعرفون أن جارهم لا يكلف نفسه أكثر من القفز فوق أزبالهم والمضي قدما في طريقه نحو النماء والإزدهاء. فلكم المناورات والدسائس ولنا التقدم والحظوة.
كما هو معلوم، تفكيك الخلايا الإرهابية يدخل ضمن المخططات الإستراتيجية لأمن الدولة، الذي تسهر على حمايته الأجهزة الأمنية درءا لأي هجمات إرهابية قد تضرب أمن واستقرار البلاد. ولأن بلاد الكابرانات تكرس مجمل وقتها في تعقب حركات وسكنات جيرانها فلا وقت لها لحراسة أمنها الداخلي وتجفيف منابع الإرهاب النائمة داخلها. فكم من خلايا إرهابية خطيرة فككها المغرب، وكم من مخططات وشيكة أحبطها المغرب، وعديدة هي الدول التي استنجدت بالمغرب اتقاء لشر الإرهاب، فما سمعناه يوما يروج لنظرية “العملية بفعل فاعل”. أم أن الجزائر التي أمدها جورج واشنطن في المنام ب “الكوابيس” وجدت ضالتها في المغرب واتخذته مشجبا تعلق عليه فشلها.
تحت عنوان “سقوط خيوط الوهم” خرج الإعلام الرسمي الجزائري للترويج لما اعتبروه بلاغا رسميا، ولما هو في الحقيقة إملاءات مباشرة صادرة عن جنرالات العسكر، مفادها أن أمنهم الوطني الفذ قد تمكن من تفكيك جماعة إجرامية، بحر الأسبوع الجاري، تنتمي إلى المنظمة الإرهابية (الماك) و توقيف 17 مشتبها فيه ينشطون على مستوى ولايات تيزي وزو و بجاية والبويرة، كانوا بصدد التحضير لعمليات مسلحة بالتواطؤ مع “إسرائيل والمغرب”، في حين القاصي والداني يعلم علم اليقين أن الماك ما هي إلا حركة تطالب باستقلال منطقة القبايل عن دولة الجزائر. لكن، كل مُطَالِبْ بالتحرر من قبضة العسكر فهو بالضرورة إرهابي ويتواطأ مع أطراف أجنبية للنيل من أمن واستقرار تبون ومن معه.
تقارير خبراء شنقريحة كما روجها إعلامه، تفيد ما معناه أن القوة الإقليمية “الضاربة” في عمق الأزمة أصبحت تقض مضجع إسرائيل التي بدأت تحيك ضدها مخططات إرهابية بغاية محوها من الخريطة، لأن في استمرارها هلاك لإسرائيل ولحلفائها. دولة إسرائيل استفاقت من سباتها العميق وأدركت متأخرة أن مستقبل البشرية بيد الجزائر لأنها عرفت كيف تقطع الماء والكلأ عن شعبها المفقر، لذلك وجب إما مهادنتها اتقاء لشرها أو استهدافها عبر دمى تُرَوَّجُ من الخارج كما جاء على لسان عباقرة الخارجية الجزائرية.
ولإضفاء مزيد من التشويق والإثارة على الخبر، كان لابد للتلفزيون الجزائري أن يعوض “سهرة اليوم” بإحدى التحف الفنية الفريدة التي أبدعها حديثا، ضمن مصنفات خزينة أفلام الرعب الجزائرية. يُشَاعُ حسب الإعلان التشويقي للفيلم أن الجزائر فككت خلية نحل تتكون من 17 نحلة مدعومة من دولة إسرائيل والمغرب، تستعد لتنفيذ مخططات إرهابية لتقويض أمن ووحدة الجزائر التي لا تلقي بالا أصلا لمفهوم وحدة الأرض والإنسان. الإعلان المذكور يضرب موعدا للمشاهدين مع تسجيلات تتضمن اعترافات مزعومة من الموقوفين على ذمة القضية بأنهم على تواصل دائم مع جهات أجنبية عبر الفضاء السيبرياني، تنشط تحت غطاء جمعيات ومنظمات المجتمع المدني متواجدة بالكيان الصهيوني ودولة من شمال إفريقيا.
وبالعودة إلى تفاصيل teaser الفيلم المراد منه إقناعنا بأي ثمن أن الأمر يتعلق بخلية إرهابية فعلا، يُظْهِرُ التسجيل عدد من “الكوابيس” كما يحلو لهرم السلطة بالبلاد تسميتها، والتي لا تصلح حتى لإقامة طقوس مناسبة عاشوراء بين أطفال الأحياء الشعبية، فما بالك أن تُبَاِركَ من خلالها إسرائيل والدولة المجاورة إياها عملية إرهابية أو ما شابه. فضلا عن هذا، استعان منتجو فيلم “الجزائر مستهدفة” بكومبارسات طاعنين في السن يبدو على محياهم الدهشة ونظراتهم صوب الكاميرا مريبة، وكأن أحدا يقف أمامهم ويلقنهم مضمون الاعترافات. دعونا نخمن أكثر، قد يكون التلفزيون الجزائري استعان بصديق مقدمي نشرات الأخبار Prompteur أو شاشة التلقين لتسهيل مهمة إرهابيي “الماك” المزعومين في سرد وقائع دعمهم المفترض من طرف المغرب وإسرائيل.
بلادة متفردة انطلقت من صياغة بلاغ ركيك ومشوب بالتباكي والتسويق لعدو وهمي، ثم الاختيار غير الموفق لممثلي أدوار الإرهابيين، وانتهت بتكريس منطق التشكيك حتى في زخارف أبدعتها أنامل يد صانع تقليدي على سقف أحد الحانات المملوكة لأحد المشتبه فيهم واعتبارها دلالة على نزعته الصهيونية. إنها الجزائر يا سادة التي تُشْهِدُ العالم على غبائها.
وفيما يلي المقطع الكامل لفيلم الموسم “الجزائر مستهدفة” أو كما توافق منتجوه على اسم “سقوط خيوط الوهم”: