في انتصار تاريخي.. مسودة قرار لمجلس الأمن ينهي أوهام البوليساريو ويكرس مغربية الصحراء تحت الحكم الذاتي كإطار وحيد لحل النزاع

في واحدة من أكثر اللحظات حسما في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، تتجه الأمم المتحدة، عبر مجلس الأمن، نحو تكريس الرؤية المغربية كخيار نهائي ووحيد للتسوية.
فبعد عقود من التردد والتوازنات الرمادية، يأتي مشروع القرار الجديد ليُكرّس مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب سنة 2007، كالإطار الحصري للمفاوضات، منهيا عمليا وهم “الاستفتاء”. إنها لحظة اعتراف أممي صريح بواقعية الطرح المغربي وشرعيته، وانتصار دبلوماسي يعيد تموقع المملكة في صلب القرار الدولي، ويغلق الباب أمام كل من راهن على الغموض أو المماطلة.
تم الاطلاع على نص مشروع القرار الذي يستعد مجلس الأمن الدولي لاعتماده نهاية أكتوبر الجاري بخصوص قضية الصحراء المغربية، والذي يتضمن تقليص ولاية بعثة المينورسو إلى ستة أشهر بدل سنة، وحصر المسار السياسي في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007، في خطوة تعكس تحولا دبلوماسيا كبيرا في مقاربة الأمم المتحدة لهذا النزاع الإقليمي.
ينص مشروع القرار، الذي سيُعرض على التصويت يوم 30 أكتوبر، على تجديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 يناير 2026 فقط، في سابقة تهدف إلى إبقاء الملف في صدارة الاهتمام الأممي وضمان متابعة مكثفة من قبل مجلس الأمن. ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز الضغط على الأطراف المعنية ودفعها نحو مفاوضات جدية في إطار زمني مضغوط، بعيدا عن حالة الجمود التي طبعت السنوات الماضية.
قبل هذه الجلسة الحاسمة، عقد المجلس اجتماعا مغلقا يوم 10 أكتوبر خُصص لعرض المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، حول نتائج جولاته الأخيرة في المنطقة ولقاءاته مع المغرب والجزائر وموريتانيا و”البوليساريو”. كما قدم رئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو، تقريرا تقنيا تناول التحديات الميدانية التي تواجه البعثة شرق وغرب الجدار الأمني، مستعينا بتقارير الدول المشاركة بقواتها ضمنها. هذه المعطيات شكلت أساس التقرير السنوي الذي رفعه الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى المجلس مطلع أكتوبر.
يؤكد مشروع القرار الجديد استمرار دعم مجلس الأمن لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي من أجل التوصل إلى حل سياسي “عادل ودائم ومقبول من الأطراف”، لكنه يُحدث تحولا جوهريا في طريقة التعاطي الأممي مع النزاع من خلال تركيزه على مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي يوصفها النص بأنها “جدية وواقعية وذات مصداقية”.
كما يشير المشروع إلى أن عددا متزايدا من الدول الأعضاء يعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية “الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق”، ويستحضر دعم الولايات المتحدة، مذكرا بدور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، واستعداد واشنطن لاحتضان جولات تفاوض جديدة في المستقبل. ويدعو القرار الأطراف كافة إلى استئناف المفاوضات “بشكل فوري ودون شروط مسبقة” على أساس حصري لمقترح الحكم الذاتي، من أجل التوصل إلى تسوية نهائية قبل انتهاء ولاية المينورسو.
يكلف مشروع القرار الأمين العام بتقديم إحاطات دورية أمام المجلس، إحداها بعد ستة أسابيع من تجديد الولاية، وأخرى قبيل انتهائها، مع إدراج توصيات حول إعادة هيكلة أو إنهاء محتمل لبعثة المينورسو بناءً على نتائج العملية السياسية. وهو ما يفتح الباب أمام تحول في وظيفة البعثة من آلية مراقبة ميدانية إلى أداة دعم سياسي لتسوية قائمة على السيادة المغربية.
ويأتي هذا التحول في سياق تزايد الدعم الدولي لمبادرة المغرب، إذ تؤكد عواصم كبرى مثل واشنطن وباريس ولندن ومدريد أن مقترح الحكم الذاتي يمثل الإطار “الجاد والواقعي” الوحيد القادر على إنهاء نزاع دام خمسين سنة. كما أن الدبلوماسية المغربية كثفت جهودها لدى الأعضاء الدائمين في المجلس، بمن فيهم روسيا، لتعزيز هذا التوجه الجديد الذي بات يكرّس المقاربة الواقعية والسيادية للحل.
في حال اعتمد مجلس الأمن القرار بصيغته الحالية، سيكون ذلك أول اعتراف صريح من المنظمة الدولية بإطار الحكم الذاتي المغربي كمرجعية وحيدة للتفاوض، ما يمهد لمرحلة جديدة في مسار التسوية تحت مظلة الأمم المتحدة. ويمثل هذا التحول خطوة استراتيجية نحو إنهاء نزاع مفتعل عمره نصف قرن، وترسيخ رؤية المغرب لحل نهائي يقوم على السيادة والوحدة الترابية.



