مظاهرات جيل Z المزعومة… حق مشروع للاحتجاج أم مفهوم جديد لـ “الدكتاتورية” ؟

في الأيام الأخيرة، تعالت دعوات غامضة إلى احتجاجات منسوبة إلى ما يسمى بـ”جيل “Z، دون تحديد للجهات المنظمة، ولا لمسار واضح، ولا حتى لإطار قانوني أو مدني مسؤول. مثل هذه الدعوات لا يمكن اعتبارها ممارسة ديمقراطية، لأنها تفتقر إلى أبسط شروط التنظيم، وتفتح الباب أمام الفوضى أكثر مما تتيح مساحة للتعبير السلمي.
في الواقع تم إنتاج مفهوم جديد من الديكتاتورية، ولكن بوجه معكوس: دكتاتورية يمارسها بعض المحتجين باسم “الغضب” و”الرفض”. فهي لا تكتفي بالتشكيك في القوانين والمؤسسات، بل تدعو إلى التمرد على كل شيء، حتى على القواعد التي تضمن سلمية الاحتجاج وحق الآخرين في الأمن والحياة الطبيعية.
حين تتحول الدعوات المجهولة إلى حشود غير مؤطرة، يصبح الخطر على السلم الاجتماعي مباشرا. في غياب مسؤولية معلنة، يتحول أي احتكاك أو حادث عرضي إلى تهديد حقيقي لأمن المواطنين وممتلكاتهم، ما يجعل من “الاحتجاج” وسيلة لفرض وصاية الأقلية على الأغلبية، تحت غطاء الحرية.
الاحتجاج حق دستوري مكفول، لكنه ليس رخصة للفوضى. في الديمقراطيات الرصينة، ممارسة هذا الحق مرتبطة باحترام القانون وضمان السلمية وتقديم بدائل واقعية. أما فرض الغضب كقاعدة عامة فهو مجرد وصاية جديدة، أو لنقل “دكتاتورية احتجاج” تحاول أن تفرض منطقها بالقوة الرمزية للشارع.



