ترياق السموم: اعتراف الباراغواي بمغربية الصحراء تحول استراتيجي في المشهد الدبلوماسي الدولي (تدوينة)

يُعد إعلان الباراغواي اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية محطة جديدة في مسار تثبيت الوحدة الترابية للمملكة، وخطوة ذات أبعاد سياسية وإستراتيجية عميقة تتجاوز الطابع الثنائي للعلاقات بين البلدين.

أولا، يأتي هذا الموقف في سياق دينامية دولية متسارعة لصالح المغرب، إذ لم يعد الاعتراف بمغربية الصحراء حالة معزولة، بل أصبح موقفا دوليا ما فتئ يتوسع ليشمل قوى وازنة من مختلف القارات. وهو ما يُترجم قناعة المنتظم الدولي بجدية ومصداقية الطرح المغربي الرامي إلى توحيد أراضيه الجنوبية تحت راية الوطن.

ثانيا، اعتراف الباراغواي يكتسي رمزية خاصة بالنظر إلى انتمائها لأمريكا اللاتينية، وهي منطقة لطالما استُغلت من طرف خصوم المغرب لترويج أطروحة الانفصال. من هنا، يشكل الموقف الجديد تحولا نوعيا في موازين القوى الدبلوماسية بالمنطقة، ويُؤشر على بداية تراجع نفوذ الأطروحات الانفصالية داخلها.

ثالثا، يحمل الاعتراف أبعادا عملية أيضا، إذ يفتح المجال أمام شراكات اقتصادية واستثمارية بين الرباط وأسونسيون، خاصة في مجالات الزراعة والطاقات المتجددة والتبادل الأكاديمي، وهو ما يُعزز مكانة المغرب كفاعل إقليمي ودولي موثوق، تم التأكيد عليها في لقاء عن بعد عقده شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ونظيره الباراغواياني إنريكي دوارتي، شهر مارس المنصرم، حيث تباحث خلاله الطرفان حول سبل تعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.

رابعا، على المستوى الاستراتيجي، يُبرهن هذا الاعتراف على نجاح الدبلوماسية المغربية في تنويع تحالفاتها والانفتاح على فضاءات جغرافية جديدة، بما يعكس نجاعة الرؤية الملكية القائمة على جعل قضية الصحراء النظارة التي يرى بها المغرب العالم لإرساء شراكات دولية متينة.

وصفوة القول، لا يمكن اختزال اعتراف الباراغواي بمغربية الصحراء في مجرد موقف مُعبر عنه ضمن اجتماع ثنائي، بل هو حلقة إضافية في سلسلة من الاعترافات الدولية التي تؤكد أن المغرب صاحب الأرض بما لا يدع مجالا لمزيد من التجاذبات الجوفاء، بل أصبح الأمر حقيقة سياسية تترسخ يوما عن يوم بفتح تمثيليات دبلوماسية لمختلف الدول الصديقة والشريكة في مدن العيون والداخلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى