أين جريدة لوموند من الأزمات الساخنة في باريس عوض الهجوم على المغرب ؟

في اللحظة التي تتخبط فيها فرنسا في أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، تختار جريدة لوموند أن تُدير بوصلة اهتمامها بعيدا عن باريس نحو الرباط. ست حلقات كاملة كرّستها لما وصفته بـ “تحقيق حول المغرب”، بينما حكومتها تعيش على حافة الانهيار تحت ثقل الدين العام والركود الاجتماعي.
فبينما تعيش فرنسا على وقع أزمة سياسية واقتصادية خانقة، اختارت جريدة لوموند أن تستثمر كل ثقلها للهجوم على المغرب. مشهد بالفعل يثير الكثير من الاستغراب… حكومة فرنسوا بايرو مهددة بالسقوط بعد أن دعا إلى تصويت بالثقة في البرلمان يوم 8 شتنبر 2025، وسط إجماع المعارضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على الإطاحة به، وتنامي دعوات النقابات إلى احتجاجات وإضرابات واسعة في 18 شتنبر.
الاقتصاد الفرنسي لا يقدّم صورة أفضل. النمو بالكاد بلغ 0.3% في الربع الثاني من 2025 وفق أرقام INSEE، بينما العجز المالي ما يزال عند 5.8% من الناتج في 2024 مع توقع نزوله إلى 5.4% فقط في 2025. الدين العام بدوره واصل تضخمه ليصل إلى 113% من الناتج بنهاية 2024، مع توقعات ببلوغه 116% هذا العام، مما يضع فرنسا في وضعية مالية مقلقة دفعت وكالات التصنيف إلى وضعها تحت مراقبة سلبية.
ومع ذلك، لا ترى لوموند في هذه الأزمات المتراكمة ما يستحق أن تخصص له سلسلة تحقيقات معمّقة، وتفضل بدلا من ذلك الهروب إلى الأمام عبر سيناريوهات سوداوية عن المغرب. مقالاتها الأخيرة لم تأت بجديد… أعادت تدوير سرديات نمطية زائفة، محشوّة بخطاب “السقوط الوشيك”، في لغة أقرب إلى التهويل منها إلى التحقيق الاستقصائي.
الحقيقة أن ما تنشره لوموند لا يكشف عن المغرب بقدر ما يكشف عن فرنسا نفسها، أو تيار كولونيالي داخل فرنسا يعجز عن مواجهة واقعه السياسي والاقتصادي الداخلي، فيحاول تصدير أزماته عبر حملات صحفية ضد الغير. إنها صحافة مأزومة تعكس هشاشة وطنها، أكثر مما تعكس صورة موضوعية عن الآخرين.



