مرصد مغربي يدعو إسبانيا لكشف جرائم البوليساريو في حق بحارة مدنيين

وجّه المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية صفعة مباشرة للحكومة الإسبانية حين طالبها بفتح تحقيق معمّق في جرائم البوليساريو ضد البحارة المدنيين. فهذه ليست مجرد ذكريات من الماضي، بل جروح مفتوحة تفضح ميليشيا وُلدت من رحم العسكر الجزائري لتعيش على الدم والابتزاز. المرصد ذكّر مدريد بأن الاعتداءات لم تكن حوادث معزولة، بل عمليات إرهابية منظمة استُعملت فيها الأسلحة الثقيلة ضد سفن مدنية ترفع العلم الإسباني، وراح ضحيتها أزيد من ثلاثمائة إنسان، إسبانًا ومغاربة، إضافة إلى عشرات الجرحى والمختطفين الذين انتهى بهم المطاف في غياهب تندوف.

ولم يتردد المرصد في تصنيف تلك الأفعال ضمن خانة الإرهاب الدولي وجرائم الحرب بموجب اتفاقيات جنيف، مبرزًا أن قادة البوليساريو ربطوا منذ سنوات علاقات مشبوهة مع شبكات التطرف في الساحل والصحراء، من القاعدة إلى داعش، في تمازج طبيعي بين الارتزاق والإرهاب. وقدّم شواهد دامغة على وحشية الجبهة، بدءًا من هجوم سنة 1978 على سفينة Cruz Del Mar الذي قتل خمسة بحارة إسبان قرب الداخلة، ثم عملية سنة 1980 التي شهدت تعذيب وقتل طاقم بكامله، وصولًا إلى قصف مدفعي سنة 1985 خلّف قتلى وجرحى قبل أن يُختطف الناجون ويُرحّلوا إلى الجزائر كأنهم غنيمة حرب.

غير أن الفضيحة الكبرى، بحسب المرصد، هي صمت مدريد المخزي؛ إذ اعترفت السلطات الإسبانية رسميًا بكون هؤلاء الضحايا سقطوا في أعمال إرهابية، لكنها لم تفتح أي تحقيق سياسي يحدد المسؤوليات، وهو ما اعتُبر تواطؤًا صريحًا يُكرّس الإفلات من العقاب ويهين ذاكرة الضحايا. في المقابل، يواصل سكان جزر الكناري تنظيم مسيرات سنوية يطالبون فيها بالاعتراف بحقوق الضحايا وتعويض أسرهم، بينما تصر مدريد على دفن الملف وكأن الدماء مجرد تفصيل ثانوي.

وزاد المرصد من حدة خطابه بالتذكير بوقائع حديثة تفضح استمرار الخطر، مثل تفكيك الأمن الإسباني سنة 2024 لمخطط إرهابي في مايوركا كانت تقوده ناشطة موالية للبوليساريو يستهدف المغرب، إضافة إلى اختطاف مواطن إسباني سنة 2025 بجنوب الجزائر عُثر عليه لاحقًا في شمال مالي. وقائع تكشف بوضوح أن البوليساريو ليست سوى ميليشيا متحولة إلى ذراع إجرامي عابر للحدود، وأن غض الطرف عنها هو في حد ذاته شكل من أشكال التطبيع مع الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى