تسريبات امتحانات الباكالوريا تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي رغم التدابير الصارمة

عادت ظاهرة تسريبات الامتحانات للبروز من جديد مع انطلاق صبيحة اليوم الخميس الدورة العادية من الامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة الباكالوريا بجميع ربوع المملكة المغربية.
و على الرغم من الأجواء و الإجراءات الاحترازية و الأمنية الصارمة، التي قالت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إنها تهدف إلى تأمين هذه المحطة التربوية الحساسة، وضمان تكافؤ الفرص بين كافة المترشحين والمترشحات، إلا أن الملاحظ هو انتشار مهول لأسئلة الامتحانات مرفوقة بالإجابات.
وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، سيخضع التلاميذ لاختبارات تروم تقييم كفاياتهم المعرفية والعلمية في مختلف الشعب، داخل حجرات دراسية تعرف حضورًا مكثفًا للأطر الإدارية والتربوية، إلى جانب ممثلي السلطات المحلية، وعناصر الأمن، ومراقبين من الوزارة، في مشهد يعكس القلق المتنامي من ظاهرة تسريبات الامتحانات، التي باتت تؤرق المنظومة التعليمية برمتها.
ورغم هذه الإجراءات الأمنية المحكمة، التي تشمل نقل الأظرفة الخاصة بالاختبارات تحت حراسة أمنية مشددة، وتوزيعها في اللحظات الأخيرة على مراكز الامتحان لضمان سريتها، إلا أن التسريبات عادت لتطفو على السطح من جديد، حيث تم تداول صور لبعض مواضيع الامتحانات على تطبيق “واتساب”، في مجموعات مغلقة، قبل انطلاق فترات الاختبار.
هذا التطور الخطير يعيد إلى الواجهة التساؤلات القديمة الجديدة حول مدى فعالية الإجراءات المعتمدة لمكافحة تسريب المواضيع الامتحانية، في ظل تطور وسائل التواصل والتكنولوجيا الرقمية، التي باتت تُستغل في تمرير المحتويات الامتحانية بسرعة فائقة، يصعب أحيانًا على الجهات المعنية ضبطها في الوقت المناسب.
وتؤكد وزارة التربية الوطنية، من جانبها، أن محاربة التسريبات تظل من أولوياتها، وتعمل على تعزيز التنسيق مع المصالح الأمنية والقضائية لمتابعة كل من يثبت تورطه في الإخلال بسرية الامتحانات. كما تم اعتماد مجموعة من التقنيات الجديدة، بما في ذلك أجهزة التشويش ومراقبة استعمال الهواتف الذكية، بالإضافة إلى آليات التتبع الإلكتروني للأوراق الامتحانية.
لكن، ورغم هذه المساعي، فإن استمرار تداول بعض الأسئلة المسربة يطرح إشكالات عميقة تتعلق بمدى نجاعة المنظومة الرقابية، وقدرة الوزارة على مواكبة التطورات التقنية التي يستغلها البعض لتحقيق مكاسب غير مشروعة، على حساب العدالة التربوية وتكافؤ الفرص بين التلاميذ.
ويخشى العديد من الفاعلين التربويين أن تؤدي هذه التسريبات المتكررة إلى ضرب مصداقية الامتحانات الوطنية، وهو ما قد ينعكس سلبًا على ثقة المجتمع في المدرسة العمومية، وعلى صورة شهادة الباكالوريا كمحطة مفصلية تؤهل الطالب إلى المرحلة الجامعية.
ومع ارتفاع الأصوات المطالبة باتخاذ قرارات أكثر صرامة ضد المتورطين، يتجدد النقاش حول ضرورة إصلاح شامل لمنظومة الامتحانات، يراعي الجانب التربوي من جهة، ويُعزز الرقابة الإلكترونية والقانونية من جهة أخرى، للحد من ظاهرة تسريب الامتحانات التي تحولت، في السنوات الأخيرة، إلى معضلة سنوية متكررة.