الإخوة زعيتر.. “فانوس علي بابا” الذي يمنح الأصدقاء الأتراك المناصب العليا ويدعمهم للحصول على الجنسية المغربية

تسود في صفوف الأوساط الجمعوية الخاصة بالجالية المغربية بمدينة دوسلدورف الألمانية، هذه الأيام، حالة من الاستياء بعدما تناهى إلى علمهم أن شابا تركيا لا يتجاوز سنه 34 عاما قد حظي بمنصب مهم بقنصلية المغرب بذات المدينة، فضلا عن حصوله على الجنسية المغربية. صدمة أبناء الوطن ممن يحفرون في الصخر ليل نهار لإثبات ذواتهم في بلاد الغربة كانت أكبر عندما انكشفت أولى خيوط “فانوس علي بابا”، الذي أغدق على التركي سيزر جوكهان الشيء الوفير من عائدات دافعي الضرائب بالمغرب.
القضية كما لخصتها رسالة رفعتها إحدى الجمعيات الممثلة للجالية المغربية بدوسلدورف إلى السيدة القنصلة لبنى أيت أبا سيدي، تتعلق أساسا بتوظيف أحد الشباب الأتراك بقنصلية المغرب في ظروف مشوبة بالغموض والتدليس وكأن المغاربة انقرضوا حتى تُمْنَحَ المناصب لغيرهم من الجنسيات الأخرى.
وبحسب ذات المصادر الجمعوية التي دقت ناقوس الخطر مما يجري داخل القنصلية المذكورة، فإن المواطن التركي لم يكن إلا صديق الطفولة للإخوة زعيتر، والذي حصل بتدخل وتوصيات منهم على الجنسية المغربية بشكل استثنائي في 30 يوليوز 2022.
منطق المحاباة والتعامل مع المغرب على اعتباره ملكية خاصة لهم، استثمره الإخوة زعيتر حتى عندما حاولوا إنقاذ صديقهم التركي من شبح البطالة، فاختاروا له من المناصب ما يترجم حجم تدخلاتهم ضد في القانون وضربا لمبدأ المنافسة الشريفة والكفاءة العلمية والدبلوماسية التي تتطلبها هكذا مناصب.
الأخطر من ذلك والغائب ربما عن حسابات “الزعيترات” لأنهم من ذوي التفكير المحدود، أننا أمام حالة توظيف أجنبي داخل مؤسسة دبلوماسية ترعى شؤون المغرب فوق التراب الألماني. ولهذا السبب تحديدا، تتابع نفس المصادر، كيف يُعقل أن يتم توظيف أجنبي داخل قنصلية مغربية يفتقر للكفاءة العلمية أو حتى التجربة الدبلوماسية؟ هل من المنطقي أن يظفر أجنبي بمنصب داخل التمثيلية الدبلوماسية المغربية بدوسلدروف وهو لا يعرف شيئا عن المغرب إلا ما سمعه ويسمعه على أفواه أصدقائه “أبو زعيتر” ذوي السجل الحافل بالسوابق العدلية؟ وبأي معنى قد نتحدث اليوم عن حماية مؤسسة دبلوماسية مغربية من احتمالية التجسس طالما يوجد داخل أسوارها أجانب؟ وهل منطق المحاباة والتوصيات لا يتعارض مع المصالح الخارجية العليا للبلاد.
مسلسل الخروقات لم يقف عند هذا الحد، فقد أفادت مصادر إعلامية مطلعة أن قنصلية المغرب بدوسلدروف تعاني من تسلط موظف آخر يَشْغَلُ منصب نائب القنصلة. ولمجرد أنه يحظى بمكتب بمحاذاة مكتبها فهو يفوض لنفسه صلاحيات دبلوماسية تفوق بكثير تلك المخولة له قانونا، ما يطرح الشكوك حول جنوح القنصلية عن مهامها الأصلية وخوضها نشاطات تتعارض والقانون الألماني. ومن هنا انبثقت فرضيات جهاز المخابرات الفيدرالي الألماني حول المعني بالأمر وصار تحت أعينها. واستنادا إلى مصادر عليمة، فالحديث كَثُرَ حول نشاطات مشبوهة من قبيل التهريب الدولي للسيارات الفاخرة.
وإلى أن يثبت العكس، الإخوة زعيتر ذوو التاريخ المشرف يعون جيدا أن سمعتهم المضروبة لا يمكن أن تُلَمَّعْ إلا باعتناق سياسة “le retour au bled” والارتماء في أحضان الوطن، ليس لأن حب الوطن يجري في عروقهم. بل على العكس من ذلك، لأنهم حريصون كل الحرص على التواري خلف سمعة وطنهم الطيبة. لكن بالمقابل، لم يجني منهم الوطن غير “التبرية” والخوض في قضايا شائكة.