رضا أمهات “الخارجين عن القانون”.. ورقة ابتزاز عاطفي يُراهن عليها هشام جيراندو وآخرون!!

رضا الله في رضا الوالدين، وسُخط الله في سُخط الوالدين. قناعة راسخة لا غبار عليها وصالحة في كل زمان ومكان وتحت أي ظرف كان، بحيث تترعرع “الفروع” على جملة من القيم والمبادئ الصحيحة تجعلها في منأى عن أي انزلاقات، قد تُوَرِّثُ “الأصول” الخزي والعار، إن بدر من فلذات كبدها ما يستوجب دفن رأسها في التراب كالنعامة. هذا إن سَلَّمْنَا- بإعمال حسن الظن طبعا- أن الزَيْغْ عن سواء السبيل لم يجد له يوما تربة عائلية خصبة، تغذت عبرها البدرة إلى أن أرخت براعمها وانطلقت في زحف نحو أرض الله الواسعة لتحصد الغلة وتسب الملة.
وباعتبارنا مجتمع ينهل من مَعين “وقفلي عار والديه” و”معاه طابع لوالدين”، وهلم جرا من قواميس الابتزاز العاطفي التي ترسم لنا مشاهد عبثية، يتحول بمقتضاها المجرم “الرعديد” إلى طفل مذعور يهرع إلى الاحتماء خلف أمه، طالبا إما “رضاها” أو كاشفا عن رضا “مزيف” يتمرغ فيه حتى يُقنع، لا ندري صدقا نفسه أو “الكائدين”، أنه “ولد الناس” يُقَبِّلُ يد “الحنانة” قبل كل مشوار نصب أو مشروع تخريبي يعتزم الانخراط فيه.
ومع كل موسم حصاد لما زرعه من “شوك”، يُقبل “المرضي” على أمه محملا مجملا بما تشتهيه الأنفس من ملذات الحياة ومُوجبات رضا الأبناء على أبائهم “بدورهم”، حتى ينتزع منها رَطْبَ الكلام وأعذبه وأقواه تخديرا لضميره الغائب، “فرشتك بالرضا وغطيتك بالرضا”، ليهيم على وجهه في ملكوت الله، مرة أخرى، باحثا عن لقمة “حرام”، في انتظار أن يتجدد اللقاء وتتجدد شحنات الرضا.
وبين أباء يعتقدون “بحسن نية” أنهم نالوا البر وبين أبناء يشترون رضا أبائهم بالحرام، تستقر حياة كُثُرْ من الخارجين عن القانون، أمثال هشام جيراندو الهارب من العدالة المغربية والكندية. كيف يجد المرء عزائه في بيع وطنه كي يشتري رضا أمه؟ أليست منزلة الأوطان من منزلة الأمهات؟ ماذا تمثل العائلة ووجودها في حياة خائن من طينة جيراندو؟ لا شيء يذكر. ولا يمكن إطلاقا إقناعنا بغير ذلك طالما وظف ذويه كأدوات لتخليص معاملات تدليسية لصالحه. وبالتالي، الأم وباقي أفراد الشجرة العائلية “المحترمة” في سياق مماثل لمسار المعني بالأمر، تبقى ورقة ابتزاز يخرجها بين الفينة والأخرى، حتى يغرس في أذهان قطيع منصاته الافتراضية تَمَثُّلْ “ولد الناس” في المخيال المغربي الشعبي. جيراندو النكرة قد يقدم الغالي والنفيس لقاء وصفه ﺑ “ولد لبلاد”، لأنه يحصد غلال الكابرانات ويضعها بين يد أم “شيبانية” لا حيلة ولا حول لها، ولا حتى هي مقدر لها “صحيا” أن تكتشف حجم “سُمية” الثعبان الذي حملته في أحشائها ذات قدر مشؤوم.
سذاجة الآباء وقلة حيلتهم ثم محدودية إدراكهم هي عوامل مساعدة وداعمة لخطوات أبنائهم الغير “بريئة” في جنح الظلام. لهذا، لا نستغرب كيف يَسِرُّ لنا الرجل عن متانة علاقته بوالدته المسكينة. ولم تتملكنا الدهشة عام 2021، ونحن نسمع تسجيلا صوتيا، يعود للسيدة بديعة شوقي، والدة الإرهابي محمد حاجب وهي تمطره بعبارات الرضا و “بركة الوالدين” وتُصبغه على شخصه صفات ما متع الله بها يوما “دمويا” متطرفا.
وعلى الرغم من أن والدة “لو تيروريست” تعتبر سيدة متعلمة نوعا ما، وتشتغل ككاتبة ضبط بمحكمة تيفلت، أي بمعنى آخر ليست من “لمقلوبة عليهم لقفة”، إلا أنها تماهت بأريحية مع الفكر الإجرامي لابنها وباركت وتبارك له المسعى. وهنا تتساوى الأمهات، على اختلاف أوساطهن الاجتماعية ومستواهن التعليمي أو حتى الفكري. ألم نقل أن الأبناء الخارجين عن القانون يعزفون بمهارة على أوتار قلوب أمهاتهن!!
وليس ببعيد عن هذا السياق، تابعنا جميعا كيف نزلت جحافل من النسوة الموءودة في أفئدتها إلى الشوارع، احتجاجا على الفصل 507 الخاص بمكافحة شغب الملاعب، لأنه يتضمن عقوبات مشددة على أولئك الذين يتورطون في تحويل الملاعب إلى ساحات حرب واقتتال. الأمهات يُبررن ما لا يبرر ويُشرعن التسيب، ويحتضن الأبناء ظالمين أو مظلومين. وكل من “فاضت الخميرة” في بطنه سيدعو الله، حتما، أن يجود عليه بأم تقدم قلبها قربانا لحمايته واحتضانه، وليذهب الوطن وأمنه إلى الجحيم. أليس كذلك يا جيراندو !!!