حزب العدالة و التنمية ينضم لمبادرة ملتمس الرقابة

في خطوة سياسية لافتة، أعلن حزب العدالة و التنمية عن قراره الحاسم بالمشاركة في مبادرة طرح ملتمس الرقابة، إلى جانب باقي مكونات المعارضة البرلمانية.

ويأتي هذا القرار في سياق توجه الحزب نحو تفعيل دوره الرقابي ومساءلة الحكومة بشأن اختلالات الأداء التنفيذي، تماشيًا مع مقتضيات الفصل 105 من الدستور المغربي.

حزب العدالة والتنمية، الذي عقد أول اجتماع لأمانته العامة بعد مؤتمره الوطني التاسع يوم السبت 3 ماي 2025، أكد أن مشاركته في ملتمس الرقابة تأتي ضمن رؤية سياسية واضحة تهدف إلى إحياء النقاش الوطني المتراجع، وتحميل الحكومة مسؤولية التراجع عن التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي الذي نالت على أساسه ثقة الأغلبية البرلمانية.

وأوضحت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في بلاغ رسمي، أن هذا التوجه يعكس إرادة الحزب في ممارسة معارضة مسؤولة وفعالة، معتبرة ملتمس الرقابة أداة دستورية ديمقراطية لإعادة التوازن إلى الحياة السياسية. وأضافت أن “الوضع المعيشي المتدهور للمواطنين”، إضافة إلى “تعطيل مشاريع القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد والحكامة الجيدة”، وتفشي “التهرب من المساءلة البرلمانية”، كلها عوامل ساهمت في اتخاذ هذا القرار.

كما انتقد حزب العدالة والتنمية بشدة الطريقة التي تُمرر بها بعض القوانين ذات الطابع الهيكلي في مجالات الحقوق والحريات، معتبرًا أن الحكومة تتبع منطقًا إقصائيًا وأحاديًا يتنافى مع روح الديمقراطية التشاركية. وسلط الحزب الضوء كذلك على تنامي حالات تضارب المصالح واستغلال النفوذ، والتقاعس عن التحقيق في الخروقات التي شابت عملية دعم استيراد المواشي، رغم مطالبات المعارضة بفتح تحقيق جاد ومسؤول.

ويُعد ملتمس الرقابة من أبرز الآليات الدستورية لمراقبة أداء الحكومة، حيث يمكن أن يؤدي إلى إسقاطها إذا حاز على أغلبية أصوات أعضاء مجلس النواب. وينص الفصل 105 من الدستور على أن ملتمس الرقابة لا يُقبل إلا إذا وقع عليه خُمس أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يُمكن التصويت عليه إلا بعد مرور ثلاثة أيام من إيداعه. وفي حال المصادقة عليه، تُعتبر الحكومة مستقيلة جماعيًا.

في السياق ذاته، كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد بادر إلى تقديم ملتمس رقابة سابقًا خلال السنة الماضية، غير أن غياب التنسيق بين مكونات المعارضة أدى إلى سحب المقترح.

على المستوى التنظيمي الداخلي، أعلن حزب العدالة والتنمية عن سلسلة تغييرات هيكلية تهدف إلى ضخ دماء جديدة في صفوفه، وتعزيز حضوره السياسي. فقد صادقت الأمانة العامة للحزب على عضوية أمينة فوزي زيزي، في إطار تمثيل الشباب، بينما تم تعيين بهاء الدين أكدي كأمين للمال الوطني وعضوًا في الأمانة العامة.

كما تولى محمد الناجي رئاسة الهيئة المشرفة على عمل الأطر والخبراء، في حين عُهد إلى سعادة بوسيف برئاسة لجنة المناصفة وتكافؤ الفرص. وتم إرجاء اختيار رئيس اللجنة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج إلى موعد لاحق.

وفي خطوة تنظيمية مهمة، كلفت الأمانة العامة عبد العزيز عماري بإعداد مشروع اللائحة الداخلية المنظمة لسير أعمالها، على أن تُعرض لاحقًا للنقاش والمصادقة. وتم تشكيل لجنة لتعديل قوانين الحزب تتألف من سعيد خيرون، بهاء الدين أكدي، ورضا بوكمازي، تحت إشراف عماري، من أجل الملاءمة مع النظام الأساسي المعدل.

كما أعلن حزب العدالة والتنمية عن برمجة أول اجتماع للجنة الانتخابات، التي يشرف عليها عبد الله بووانو، إلى جانب لجنة إعداد البرنامج الانتخابي برئاسة مصطفى الخلفي، استعدادًا للاستحقاقات المقبلة بين يونيو وشتنبر 2025.

و تُظهر هذه الدينامية التنظيمية والسياسية أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى استعادة مكانته كمؤثر رئيسي في الساحة السياسية المغربية، معتمدًا على أدوات دستورية كالملتمس الرقابي، وتحديث هياكله الداخلية كما تؤكد هذه الخطوات أن الحزب لا يزال فاعلًا أساسيًا في المعادلة السياسية و حريص على ترسيخ قيم العدالة والتنمية في الممارسة الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى