هشام جيراندو.. من بوق أكاذيب إلى مركز مجارير القذارة

مرة أخرى، يؤكد هشام جيراندو أن الإفلاس الأخلاقي والفكري ليس له قاع. فبعدما ضاقت عليه السبل، وأُغلقت في وجهه “المصادر” التي طالما تباهى بها وقدمها كقنوات رسمية، لجأ هذا المارق إلى أسلوب أقل ما يمكن أن يوصف به هو “التفوه بالقذارة”. لم يعد الرجل يروّج أكاذيب أو تلفيقات عادية، بل صار ينتج محتوى أقرب إلى مخلفات المجارير، في محاولة يائسة للفت الأنظار إليه بعدما هجره حتى من كانوا يعتقدون، واهمين، أنه يمتلك معلومة.

التحقيقات القضائية التي كشفت تورط ما يسمى بـ”مصادره” في قضايا جنائية خطيرة، أسقطت آخر ورقة توت كان يختبئ وراءها. لم يعد لجيراندو سوى السب والشتم وإطلاق الادعاءات السخيفة التي لا يصدقها أحد. لقد تحوّل هذا المارق إلى ما يشبه “مركز نفايات إعلامي متنقل”، يبث القاذورات اللفظية على مدار الساعة والأسبوع.

لكن لنعُد قليلا إلى الخلف. هذا الشخص لم يهبط فجأة إلى مستنقع القذارة… بل هو نتاج تاريخ طويل من الانحرافات والفضائح. هشام جيراندو، الذي يحاول تقديم نفسه كـ”معارض مستقل”، له سجل إجرامي حافل بدأ بالنصب والاحتيال قبل أن يتطور إلى جرائم الابتزاز والتشهير واستغلال قاصر في أنشطة إجرامية. وقد أثبتت التحقيقات ضلوعه في شبكة ابتزاز عابرة للحدود، استغل فيها هويات مزيفة وأرقام هاتفية وهمية، واستعمل فيها حتى أقرباءه لتفعيل حسابات زائفة استُعملت لضرب أشخاص ومؤسسات بغرض تصفية حسابات شخصية.

جيراندو الذي كان يدّعي سابقا أنه “صوت الحق” تحول تدريجيا إلى بوق لتصفية الحسابات السياسية، وأداة في يد دوائر مشبوهة مولته وشجعته على مهاجمة المؤسسات الوطنية، خاصة الأجهزة الأمنية والقضائية. وفي كل مرة كانت أكاذيبه تتهاوى واحدة تلو الأخرى، من ادعاءاته عن اختراق الأجهزة الأمنية، إلى مزاعمه عن ملفات فساد ملفقة، وصولا إلى تلفيق قصص لا أساس لها سوى في مخيلته المريضة.

آخر أكاذيبه كانت محاولة الربط بين مسؤولين أمنيين كبار وشبكات دولية للمخدرات، وهي رواية فضحتها التحقيقات وأثبتت أنها مجرد محاولة يائسة للهروب إلى الأمام بعد سقوط شبكته واحدة تلو الأخرى، واعتقال أحد أهم مصادره الذي كان يزوده بمعطيات زائفة لتضليل الرأي العام، والذي تبين أنه سمسار عقارات كون عصابة إجرامية رفقة آخرين من أجل النصب والاحتيال والتزوير.

اليوم، لم يعد لجيراندو من وسيلة سوى تعويض إفلاسه المهني بصرخات هستيرية وهذيان أقرب إلى الهروب الجماعي من مواجهة الحقيقة. هذا الذي كان يدعي امتلاك “المصادر الرسمية” صار اليوم يغرف من مستنقع القذارة الكلامية… والعدالة تقترب منه أكثر فأكثر.

لقد انتهى زمن الأكاذيب وشراء الوقت. وبدأ زمن الحساب. العدالة تمضي بخطا ثابتة نحو محاسبة هذا المارق وكل من تواطأ معه في ترويج الأكاذيب وابتزاز الأبرياء وضرب مؤسسات الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى