بقلب وجَوْفْ “مخمور”.. سليمان الريسوني يُقبل على شعيرة عيد الأضحى بتزكية تونسية (كاريكاتير)

رُوي عن  الإمام الطبراني رحمه الله قوله: “إن العبد ليقذف الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما”، وهو حديث وإن كان ضعيف الإسناد لكن معناه يبقى صحيحا، لكونه يُخاطب فِطنة “السكارى” عبر دعوتهم للإقلاع عن الشرب حتى تُقبل منهم سائر العبادات والشعائر.

إن الدخول في هُدنة دينية مع النفس بمناسبة الشهر الأبرك لا تقتضي فقط تطهير الجوف من “مُذهبات العقل”، إنما هي لحظة تستلزم تطهيرا للسان وترطيبا له بحسن الكلام والنهي عن فُحش القول وبذاءة اللفظ وفداحة الفعل ثم “الإفتاء” في غير موضعه وعلى لسان غير أهله.

وهي المفاسد التي توافرت مجتمعة في شخص سليمان الريسوني، الذي بين كل رشفة ورشفة من قَنَانِي الخمر المعتق، تتبدى أمامه هيئة ضحيته الشاب آدم مصلوبا استعدادا ل”غَزْو” غادر لا تتعارض تفاصيله إطلاقا، وفق مخيال صاحبه المريض، مع تعاليم الدين الإسلامي الذي جاء نصه القرآني واضحا وقطعيا حُيال “اللواط”: “إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ” سورة الأعراف الآية 81.

للوهلة الأولى، وأنت تقرأ تدوينة صائد الغلمان بشأن إلغاء ذبيحة عيد الأضحى من عدمها، وأن الشقيقة تونس قد أنقذت “إيمان” سليمان الريسوني من الاضمحلال نتيجة غياب “بولفاف” عن طاولة “السكارى” هذه السنة، يُتَخَيل لك أن أبناء جلدته قد ارتدوا عن دينهم وأعلنوها مدوية “لكم دينكم ولنا ديننا”. وقد تتمكن منك بنات أفكارك غاية تحريضك على وصف المغاربة ﺑ “أعداء الله” لأن الإفتاء التونسي صار قرآن منزلا ومُنَزها يُأخذ في شموليته دون نقاش.

وبمقتضى الأمر “المُنزل” تصير تونس “العلمانية” حيث الإفطار نهارا جِهَارا خلال رمضان أمرا “دنيويا” لم يسبق لديننا الحنيف ربما البث فيه أو النهي عنه لما في الأمر من تقصير في “تعظيم شعائر الله”، مثلما أوصانا العلي القدير في محكم التنزيل: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب” سورة الحج الآية 32، إن استطاعت النفوس إليها سبيلا وما لم تحضر إكراهات تفوق المقدرة “إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها”. وهو التوجه الذي كشف عنه توضيح دار الإفتاء التونسية نفسها، غير أن الصياد في المياه العكرة أراد للباطل أن يحل محل الحقيقة “صحة”.

وحتى إن قذف سليمان الريسوني جمرة التعدي على حدود الله في حضن الوطن، فإننا نحن لن نماثله الخَطْوْ ولن ننزل منزلته السفيهة، بتشخيص كم التناقضات التي يحملها في صدره وهو يتطاول على الوطن بشجاعة و “تخراج العينين”، بينما يُعجزه الجُبن الخوض في شؤون بلاد الكابران قيس سعيد حيث تغيب عند الكثيرين شعيرة رمضان رغم كونها ركن ثالث من أركان الإسلام، فيما أضحية العيد تبقى سنة مؤكدة.

وأما عن المغرب وأحواله الدينية المستقرة في حضرة مؤسسة إمارة المؤمنين، نقول لمن شجعه إفتاء تونس أن يُزايد على المغاربة في دينهم ومعيشهم اليومي والكأس لا يُفارق يُمناه، (نقول) أن الملك محمد السادس قد دعا رعاياه لعدم اقتناء أضحية العيد هذا العام، لأن البلاد سجلت انخفاضا ملحوظا في رؤوس الماشية والأغنام، ما كان ليشكل تحديا اقتصاديا غير محمود العواقب لاحقا.

والإكراه ذاك، سيستمر المغاربة في ممارسة احتفالاتهم بعيد الأضحى كما جرت العادة بذلك، من خلال أداء صلاة العيد والإنصات للخطبة وتبادل الزيارات العائلية والتهاني والتبريكات بين المصلين والجيران، أو حتى تبادل صحون فطور العيد ثم منح الصغار “العيدية”، تلك العادة العربية الإسلامية التي لم تفقد بريقها إلى اليوم.

أي بمعنى آخر، لن يخلو أي بيت مغربي، خلال عيد الأضحى القادم، من مظاهر الاحتفال والاحتفاء بتقوية أواصر الرحم. ولكل طوابري لا يعرف من الشعائر الدينية إلا اللحم وشحمها، فإن عاهل البلاد قد رفع الحرج عن المغاربة، وارتأى أن يذبح الأضحية أصالة عن نفسه ونيابة عن شعبه إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ضحى بكبشين واحد له و الآخر لأمته. ناهيك عن كون المملكة قد شهدت، عبر تاريخها الحديث، قرارات ملكية مماثلة إبان سنوات 1963، 1981، 1996، استجابة لظروف اقتصادية وبيئية استثنائية أدت إلى ضغوط أرخت بظلالها على القطاع الفلاحي وعلى الثروة الحيوانية الوطنية.   

وحتى إن أردنا التماس العذر له وجعله في حكم المنفلقة عقولهم من فرط إفراطه في استهلاك الكحول، فإن الأمر لن يكون ممكنا لأننا نتحدث عن سليمان الريسوني، شخصية “حربائية” يتفتق “خبثها” في لحظات “النغم” أكثر، وتبصم إثرها على مواقف “حدية” غايتها خلط السياسة بالدين، وضرب المغاربة في استقرارهم الروحي من خلال التجاسر على قرارات المؤسسة الملكية التي تتوخى دائما المصلحة الفضلى للوطن.

وهنا، لا حاجة لنا أن نُذكر أنفسنا بأن الريسوني وأمثاله من الطوابرية آخر همهم أن يحملوا هم المغاربة. فكل تحركاتهم تصب في اتجاه تكريسهم كأصوات تأكل الثوم بفم أعداء الوطن، وتُعينهم على النهش في حرمته. وكل بمقابل تختلف قيمته باختلاف قيمة الصوت الصادح ﺑ “اللهم لا تأخذنا بما فعل السفهاء منا”، أو على الأقل هكذا نتخيل سِكير من حجم سليل آل الريسوني يتحسر -باطلا- لأن قناني النبيذ الفاخر تُرافق “المشاوي” حصرا. والشاهد على الأمر، أن الرجل سبق له وأن تقاسم معنا فرحته بالخروف المشوي والكؤوس الروحية بحضور أعضاء “جوقة الحياحة”.

وأخيرا وليس آخرا، لا يمكن أن نخوض في هذا الشأن دون التساؤل حول غِبطة وسرور قصر المرادية من البلاء الحسن الذي أبلاه الريسوني وهو يُمَجد إفتاء تونس نكاية في الوطن. وكما لا يخفى على عاقل ولا على غافل تونس “الخضراء” بفضل سخاء الكابرانات تُعتبر في حكم مقاطعة جزائرية. وما يُثلج صدرها يُثلج صدر عرابها قصر المرادية والعكس صحيح.  

إذن، نلفت انتباه سليمان الريسوني ونقول له…فأينما وليت وجهك فتم وجه الكابرانات منشرحا لحسن صنيعك وذراعاها مفتوحتان لاحتضانك!!

غير أن العيد باق والطوابرية إلى زوال !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى