من التهديد إلى الاستجداء.. هشام جيراندو يرفع الراية البيضاء ويفضح نفسه بنفسه

في أحدث خرجاته، خرج هشام جيراندو بفيديو يحاول فيه تقديم نفسه كضحية لمؤامرة كبرى، مدعيا أنه يتعرض لحملة استهداف من جهات نافذة تسعى لإسكاته. لكن بتحليل تصريحاته، يظهر بوضوح أن الرجل لا يفعل سوى كشف نفسه بنفسه، والتخبط في تناقضاته التي تحوّلت إلى اعترافات صريحة تدينه بدل أن تبرئه.

جيراندو اعترف في لحظة زلة لسان أنه بدأ مشواره “الإعلامي” باستهداف المؤسسة الملكية وشخص الملك، قبل أن يتراجع بناءًا على طلب من مقربين منه. وهذا بحد ذاته يفضح افتقاره لأي قناعة حقيقية، فهو لا يتبنى مواقفه عن مبدأ، بل يتحرك وفق حسابات آنية يعتقد أنها ستخدمه.

أسلوب معروف ومفضوح كان يبحث من خلاله جيراندو عن إثارة الجدل ولفت الانتباه، على أمل أن يجني مكاسب شخصية عبر الابتزاز الإعلامي، وهو التكتيك نفسه الذي اتبعه بعض المتطرفين الإعلاميين الذين انتهى بهم الأمر إلى العزلة أو السجن.

لكن بعد أن وجد نفسه محاصرا، لم يعد جيراندو قادرا على الاستمرار في نفس النهج، فانتقل إلى أسلوب آخر: محاولة استدرار العطف بادعاء أنه مستهدف من “جهات نافذة” تسعى لتكميم فمه، متناسيا أنه هو من اختار طريق المواجهة والتحريض والابتزاز، والآن، حين بدأت النتائج القانونية لمغامرته في الظهور، يريد لعب دور الضحية.

من بين أكثر تصريحاته إثارة للسخرية، حديثه عن “الحوار” وادعاؤه أنه لم يغلق بابه أمام أي محاولة تفاهم. لكن أي حوار يقصده؟ وهل يعتقد أن مهاجمة المؤسسات وترويج الأكاذيب والافتراءات هي أرضية تُبنى عليها تفاهمات؟

جيراندو يهاجم القضاء المغربي، متسائلا عن استقلاليته وكأنه جهة مخولة للحكم عليه، لكنه في الوقت نفسه يشتكي من مقاضاته في كندا بتهم التشهير والتهديد. أي أنه يريد العدل عندما يخدم مصلحته، ويرفضه عندما يكون في غير صالحه. هذه الازدواجية لا تعبر سوى عن عقلية شخص اعتاد العمل خارج القانون، لكنه تفاجأ حينما وجد نفسه في مواجهة تداعيات أفعاله.

إن محاولة تصوير نفسه كضحية ليست جديدة في أسلوب جيراندو، لكنها اليوم باتت مكشوفة وفاقدة للمصداقية. فمنذ البداية، كانت تحركاته قائمة على سياسة الابتزاز الإعلامي، متوهّما أن بإمكانه الضغط على الدولة لتحقيق مصالحه. لكن هذه الأساليب لم تنجح يوما، ولن تنجح مع نظام عمره قرون، ويعرف جيدا كيف يتعامل مع مثل هذه المناورات الرخيصة.

جيراندو لم يعد أمامه سوى الاستمرار في نوبات الهذيان الإعلامي، لأنه يعلم أن طريق العودة قد أُغلق أمامه، وأن دعاوى التشهير والتهديد التي تلاحقه في كندا لن تختفي بالصراخ أو باللعب على وتر المظلومية. فهذه المرة، لا يوجد “مخزن” يمكنه اتهامه بعرقلة قضيته، لأن الأمر أصبح في يد القضاء الكندي، وهو ما يزيد من ارتباكه وتخبطه.

اليوم، هشام جيراندو يعيش مأزقا لم يعد بإمكانه الفرار منه. لا أسلوب التصعيد والابتزاز نجح معه، ولا التودد والمظلومية أنقذاه. لم يبق له سوى الغرق في تناقضاته، فيما تستمر الإجراءات القانونية ضده في كندا، لتكتب الفصل الأخير من مغامرته الفاشلة.

إن الدولة لا تساوم، والشعب لا يصدق المسرحيات، والقضاء لا يتأثر بالصراخ. والخاسر الوحيد هو جيراندو، الذي لم يتعلم من تجارب من سبقوه، وها هو يسير بخطى ثابتة نحو المصير الذي ينتظره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى