جامعيون يسائلون وزير التعليم العالي والبحث العلمي عن خبايا  التعيين في المناصب العليا بالجامعات المغربية .. فهل يصلح الميداوي ما أفسده الدهر؟

تندرج مسطرة التعيين في المناصب العليا ضمن ورش اصلاح الوظيفة العمومية الذي يتطلب التجديد في أساليب التسيير حتى تتمكن من مواكبة متطلبات الادارة الحديثة. و على الرغم من اصدار سلسلة من النصوص القانونية الرامية الى تطوير الادارة المغربية وتحديثها، إلا ان واقع الحال يبرز أن المجهودات التي بذلتها الحكومات المتعاقبة لم ترق الى مستوى التطلعات و الرؤية الشمولية المندمجة.

و بالعودة الى نماذج التعيين في المناصب العليا في المؤسسات الجامعية، يلاحظ ان مسطرة التعيين تطرح أكثر من علامة استفهام و في مقدمتها : هل أصبح التناوب السياسي في المناصب العليا، على غرار المناصب الوزارية، بديلا عن نموذج اختيار الكفاءات على أساس التباري المتكافئ للفرص تطبيقا لأحكام الفصل 92 من الدستور و المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 02/12 المتعلقة بالتعيين في المناصب العليا ؟ 

إن منطوق النص القانوني واضح في هذا الصدد و هو أن المغرب اختار نموذج معيار الكفاءة في التعيين في المناصب و المسؤوليات العليا في الوظيفة العمومية. غير أن هذا النموذج لا يتم احترامه في كثير من الأحيان في المؤسسات الجامعية، مما انعكس سلبا على المردودية البيداغوجية و العلمية للمؤسسات الجامعية، وعلى مستوى ترتيب الجامعات المغربية في التصنيفات الدولية. 

فوسط اندهاش الرأي العام الجامعي، عرفت بعض المؤسسات الجامعية في النسخة الأولى من الحكومة الحالية تعيينات غير متوقعة، و اقصاء كفاءات عالية مشهود لها بالإبداع و التميز العلمي، في خرق سافر لمبدأ المساواة و تكافؤ الفرص و الاستحقاق.

و من مظاهر ذلك تعيين مرشحين قضوا أربع سنوات في التسيير و ثلاث سنوات في التسيير بالنيابة و تجديد الثقة في آخر لحظة فيهم لمدة اربع سنوات اخرى مما جعل بعض المسؤولين يجثمون على رأس المؤسسات الجامعية اكثر من عشر سنوات في المسؤولية، مما اثر سلبا على المردودية البيداغوجية و على تطوير البحث العلمي و ظهور بعض الممارسات الغريبة عن الأعراف الجامعية ومنها على الخصوص كثرة الطعون في مباريات التوظيف، وتنظيم مباريات أخرى على المقاس، مما أدى إلى إلغاء بعضها ،علاوة على وجود اختلالات في التسيير والتدبير مما يسيئ الى سمعة الجامعة و الجامعيين.

و اذا كان الوزير الميدواي قد بادر الى إصلاح بعض التجاوزات و الخروقات التي شابت مسطرة اختيار المرشحين الثلاثة في بعض المؤسسات الجامعية، فان عملية الاصلاح الشمولي تقتضي إعادة النظر في نتائج كل المباريات السابقة التي لم يتم الاعلان عن نتائجها في المجلس الحكومي والتي تمت في العهد السابق، ضمانا للشفافية والنزاهة وانسجاما مع روح الدستور ومنطوق القوانين التنظيمية ذات الصلة. فهل يصلح الميداوي ما أفسده الدهر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى