فرانسيسكو كاريون وأعوانه.. بيادق مأجورة في حرب إعلامية قذرة لتزييف الوعي وإثارة الفوضى

لطالما كان التاريخ شاهدا على أقوام رضوا أن يكونوا ظلالا، يتحركون وفق إرادة غيرهم، يعتنقون الخطاب الذي يُملى عليهم، وينطقون بلسان ليس لهم هنا نستخلص أن الخيانة لم تكن يوما وليدة الصدفة، بل كانت دائما قرارا، خيارا يختاره المرء حين يُسوِّل له طمعه أن ما وراء الأبواب المغلقة كنز، وأن الارتماء في أحضان الغريب حماية لا مهانة.

وفي قلب هذه المسرحية الرديئة، يقف فرانسيسكو كاريون، لا كصحفي نزيه، بل كمخرج للحكايات المسمومة، يضع الحبكة، ويسند الأدوار لمن باعوا ضمائرهم، ويكتب لهم نهاية يظنونها مجدا، وما هي إلا سقوط محتوم.

على رقعة الشطرنج هذه، تتحرك بيادق مألوفة، وظّفت بعناية لتؤدي أدوارها في حرب إعلامية تخدم أطروحات أوسع من إدراكها، أطروحات تقف وراءها الآلة الدعائية للجزائر، التي ما فتئت تجند الأصوات، وتغدق التمويلات، وتحيك المؤامرات في السرّ والعلن، بحثا عن أي فرصة للطعن في استقرار المغرب، أي ثغرة يمكن النفاذ منها لزرع بذور الشك والفتنة. وفي هذه اللعبة، لا يكون البحث عن الحقيقة هو الهدف، بل يكون السؤال: كيف نُشكك في كل حقيقة؟ كيف نعيد سرد الوقائع بما يخدم المخطط المرسوم؟

لذا، لم يكن اختيار الأسماء التي تتصدر المشهد عشوائيا، بل جاء انتقاء مدروسا لمن فقدوا رصيدهم الأخلاقي، وتحولوا إلى أبواق فارغة تردد ما يُملى عليها دون تردد. أبو بكر الجامعي، سليمان الريسوني، فؤاد عبدالمومني، ومحمد زيان، لم ولن يكونوا أكثر من أدوات تستخدم ثم تلقى، رجال ظنوا أن الانقلاب على وطنهم سيمنحهم مجدا، فصاروا مجرد أوراق تلعب عند الحاجة، ثم تحرق حين تنتهي صلاحيتها. لم يكن لهم موقف ذاتي يوما، بل كانوا دائما انعكاسا لما يريده ممولوهم، وجوه تتبدل، لكن الخطاب ذاته، الأكاذيب ذاتها، والهجوم الممنهج الذي لم يتغير منذ أن أدرك خصوم المغرب أن القوة وحدها لا تكفي لهز حصنه، فراحوا يراهنون على الداخل، على من يبيعون الولاء لمن يدفع أكثر.

فرانسيسكو كاريون ليس إلا ترسًا في هذه الالة، رجل لم يعرف الصحافة إلا كأداة للتلاعب، يجيد صناعة الإثارة، يعيد تدوير الوجوه ذاتها، يمنح المصداقية لمن فقدها، ويُسبغ صفة “المعارضة الشريفة” على من لم يعرفوا للشرف معنى. لا يتحدث باسم الحقيقة، بل باسم مشروع واضح المعالم، مشروع تقوده شبكات إعلامية ومنظمات غير حكومية تدعي الدفاع عن الحريات، بينما هي في الواقع أدوات تخدم أجندات جيوسياسية، تستخدم لتأجيج الصراعات الداخلية وإضعاف الدول المستقرة.

لكن التاريخ لا يخطئ، والمصائر التي انتهى إليها من سبقوهم ليست بخافية. تلك الأيدي التي تحركهم اليوم، لن تتردد في التخلي عنهم حين تنتهي فائدتهم، وحين يأتي وقت الحساب، لن يجدوا إلا الفراغ من حولهم. وحينئذ، لن تنفعهم مقالات كاريون، ولا الوعود التي وهبت لهم، لأن من يبيع وطنه مرة، لا يثق به أحد مرة أخرى أولهم كاريون نفسه.

يرحل كاريون، ويأتي غيره، تطوى أسماء وتفتح ملفات جديدة، لكن المغرب، كما كان منذ قرون، يبقى عصيّا على السقوط، حصنا منيعًا أمام الخيانة، عصيا على المؤامرات، قويا بما يكفي ليسقط الخيوط، ويترك الدمى تتهاوى وحدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى