بالفيديو.. اعتذار توفيق بوعشرين لضحايا اعتداءاته الجنسية الوحشية… ولكن !

في أعماق كل إنسان، يقبع صوت خافت يدعى الضمير، يعلو أحيانا ويخفت أحيانا أخرى. وبينما تسير الحياة بتناقضاتها، يبقى هذا الصوت شاهدا على أفعالنا، يطاردنا حيثما ذهبنا، ويذكّرنا بما فعلنا. واليوم، يا توفيق بوعشرين، نجلس لنكتب إليك عن اعتذار لم يُقدّم بعد، ولكنه يصرخ ليخرج من صدرك، مثقلا بخطايا لا يمكن للزمن أن يمحوها وحده.
كيف يمكن لك أن تنام لياليك، يا من كنت صحافيا وحارسا للكلمة، بينما تقف أرواح النساء اللواتي أذقتهن مرارة الاستغلال شاهدة على أفعالك؟ هُنَّ لسن مجرد أسماء أو وجوه عابرة. هنّ أحلام مكسورة، وأرواح مثقلة بخيانة الثقة، وأجساد تحمل ندوبا لا تندمل. ألم تفكر يوما، وأنت في خلواتك، في ما تركته وراءك؟
إن الاعتذار الذي يجب أن تقدمه، يا توفيق، هو واجب أخلاقي وإنساني، ليس فقط تجاه النساء اللاتي استغللت سلطتك عليهن، بل تجاه المجتمع الذي كنت جزءًا من تشكيل وعيه عبر قلمك.. الذي يصلح للكتابة وليس القلم الآخر الذي جنيت به على ضحايا لا حول ولا قوة لهن.
تخيل معي، لو أنك أمسكت الميكروفون يوما، وأطلقت كلماتك إلى العلن: “أعترف أنني أخطأت. أقر أنني جرحت، وآذيت، وأذللت. أنا هنا لأطلب الصفح، ليس بالكلام فقط، ولكن بالعمل على جبر الضرر الذي لحق بهن. أنا مستعد لتحمل مسؤولية أفعالي، كما تحملن هن صمت المعاناة طوال هذه السنوات.”
تلك الكلمات، لو خرجت منك، ستكون أكثر صدقًا من أي مقال كتبته في حياتك. لكنها أيضا ستكون بداية رحلة شاقة. لأن الاعتذار الحقيقي، يا توفيق، ليس مجرد كلمات. إنه التزام يعيد الحق إلى نصابه، ويمسح دموع من بكى، ويرمم أرواحا تصدعت تحت وطأة الاستغلال.
هل لديك الجرأة لتقف أمام الضحايا، وجها لوجه، وتنظر في أعينهن المليئة بالأسى وتقول: “آسف”؟ هل تستطيع أن تسمع صوتهن وهن يسردن ما عانينه بسببك؟ أم أنك ستظل تختبئ وراء الحيطان العالية التي بنتها سلطتك، وتغض الطرف عن جراح لا تزال تنزف؟
إن الاعتذار الذي نطالبك به ليس فقط لتخفيف العبء عن الضحايا، بل لتبدأ أنت رحلة مواجهة مع نفسك. رحلة تعترف فيها بأخطائك دون أعذار أو مبررات. رحلة تُعيد فيها صياغة ما تبقى من حياتك على أسس الصدق والنزاهة.
يا توفيق، لا تدع كبرياءك يمنعك من هذه الخطوة. فالاعتراف ليس ضعفا، بل شجاعة لا يملكها سوى الأحرار. لا تنظر إلى الماضي كعبء لا يمكن تغييره، بل كفرصة لإظهار ندمك والعمل على بناء مستقبل أقل ظلاما، على الأقل لأولئك الذين تركتهم في الظل.
هذا الاعتذار الذي لم تقدمه بعد ليس خيارا، بل ضرورة. إنه الوسيلة الوحيدة لتخفيف وطأة الضمير الذي لا شك أنه يطاردك. فهل ستظل صامتًا، أم أنك ستجد في نفسك الشجاعة لتُعطي النساء اللاتي أسأت إليهن ما يستحقنه من كرامة واعتراف بالحق؟
القرار بين يديك، يا توفيق. لكن تذكّر، أن الكلمات التي تُقال الآن لن تمحي الألم، لكنها قد تكون بداية طريق طويل نحو استرداد ما أُخذ بغير حق.