قراءة في مستقبل كامالا هاريس بعد فوز منافسها دونالد ترامب بسباق الرئاسيات الأمريكية

ركزت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس طيلة أشهر على هدف واحد كان من المفترض أن يحدد مسيرتها المهنية ويصنع التاريخ، وهو أن تصبح أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
غير أن الهزيمة التي مُنيت بها المرشحة الديمقراطية أمام الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الخامس من نونبر حرمتها من الحصول على موقع في مجمع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تركت البلاد تتساءل عن مستقبل هذه الشخصية السياسية بعد توق ف مفاجئ لصعودها الصاروخي.
بعد قضاء عدة أيام في هاواي في أعقاب خيبة الانتخابات الرئاسية، بدأت المدعية العامة السابقة البالغة من العمر 60 عاما في الكشف عن طموحاتها المستقبلية.
وقالت في اتصال هاتفي مع مانحي الحزب الديمقراطي “سأبقى في المعركة”، من دون إضافة تفاصيل عما يمكن أن يعنيه ذلك.
وفتح هذا التصريح الباب أمام تكهنات كثيرة في واشنطن بشأن الخطوة التالية التي قد تقدم عليها هاريس. ويتوقع بعض المعلقين أن تخوض غمار الانتخابات لمنصب حاكم ولايتها كاليفورنيا، عندما يغادره غافين نيوسوم في العام 2026.
يعد منصب الحاكم في الولايات المتحدة من المناصب المرموقة، خصوصا أن العديد من الولايات تعادل في حجمها مساحة بلد ما يدفع الحكام الذين يديرونها إلى التصرف كما لو أنهم رؤساء في بعض الأحيان. وإذا ما نُظر إلى كاليفورنيا بشكل منفصل عن الولايات المتحدة، فقد تُعتبر خامس أكبر اقتصاد في العالم.
إضافة إلى ذلك، فإن من شأن من حكم ولاية كاليفورنيا لفترة أو فترتين، أن يُشكل تتويجا مناسبا لمسيرة مهنية رائدة حطمت خلالها هاريس العديد من الموروثات السياسية.
وتقيم هاريس علاقات تاريخية مع المسؤولين المحليين في كاليفورنيا على خلفية عملها في مكتب المدعي العام في الولاية، وهو منصب لم تغادره إلا قبل سبع سنوات لتصبح عضوا في مجلس الشيوخ.
وبالتالي، فقد تمنح إدارة أكبر ولاية من حيث عدد السكان في البلاد، “منصة كبيرة” لهاريس تتمكن من خلالها من إعادة إثبات نفسها كشخصية سياسية من الوزن الثقيل على الساحة الوطنية، وفقا لأستاذ العلوم السياسية في جامعة برينستون جوليان زيلزر.
وستسلك هاريس طريقا مألوفا في حال استخدمت منصبها على مستوى الولاية كنقطة انطلاق للترشح مجددا لمنصب الرئيس.
شغل 16 رئيسا منصب حكام ولايات قبل أن يصبحوا رؤساء للولايات المتحدة، بما في ذلك الجمهوري رونالد ريغان الذي يعد أحد أكثر الرؤساء شعبية والذي تولى إدارة كاليفورنيا بين أواخر الستينات وأوائل السبعينات.
مع ذلك، واجه الديمقراطيون نتيجة مؤلمة بعدما خسرت هاريس في كل الولايات المتأرجحة، بينما حقق ترامب تقدما في أوساط كل شريحة من الناخبين تقريبا. بناء عليه، باتت هاريس بعيدة كل البعد عن كونها خيارا تلقائيا للترشح عن حزبها في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال زيلزر لوكالة فرانس برس “التحدي هو أنه بمجرد أن تخسر وتصبح جزءا من خسارة كبيرة كهذه، فإن كثيرين في الحزب (يفقدون) الإيمان بقدرتك على الفوز مجددا”.
في كل الأحوال، فإن شغل منصب حاكمة ولاية كاليفورنيا لمدة عامين فقط يعتبر فترة قصيرة، ويعتقد بعض المحللين أنه سيتعين على هاريس تأجيل طموحاتها الرئاسية حتى العام 2032 على الأقل، في حال أرادت خوض هذا السباق مجددا.
وعلى هذا الصعيد، قد تواجه نائبة الرئيس المنتهية ولايته تحد آخر يتمثل في بروز نيوسوم الذي يحكم ولاية كاليفورنيا منذ العام 2019، كمنافس محتمل لها في غضون أربع سنوات، إضافة إلى حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر ووزير النقل بيت بوتيدجيج.
وبغض النظر عن كل ما تقدم، يبقى أمام هاريس خيارا آخر يتمثل في مواصلة العمل السياسي من دون أن تشغل منصبا رسميا.
ويقدم آل غور الذي كان يتولى منصب نائب الرئيس بيل كلينتون، نموذجا يُحتذى به بعدما خسر الانتخابات الرئاسية أمام جورج دبليو بوش فقد واصل عمله في الحياة العامة كمدافع عن البيئة.
وفي العام 2006، لعب الفيلم الوثائقي “حقيقة غير مريحة” الذي شاركت حملته في إخراجه، دورا رئيسيا في رفع مستوى الوعي بشأن الوتيرة السريعة للاحتباس الحراري على المستوى العالمي.
وبعدما حصل هذا الديمقراطي المخضرم على جائزة نوبل للسلام في العام 2007، بات يقوم بتدريب سفراء في مجال العمل المرتبط بالمناخ في أنحاء العالم.