الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تدعو إلى تسريع الانتقال إلى مرحلة جديدة في مكافحة الفساد بالمغرب

دعا رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد البشير الراشدي، اليوم الثلاثاء بالرباط، إلى “تسريع الانتقال الفعلي إلى مرحلة جديدة في مكافحة الفساد”.

وقال السيد الراشدي، خلال ندوة صحفية خصصت لتقديم التقرير السنوي للهيئة برسم سنة 2023، إن هذه المرحلة الجديدة “كفيلة بإذكاء دينامية محققة لنتائج وآثار ملموسة في الحياة اليومية للمواطنين والمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين والمجتمعيين”.

وأكد في هذا الصدد، “الانخراط العملي للهيئة في فتح عدة أوراش تستهدف إرساء القواعد الصلبة الداعمة لتحقيق انتقال مؤسس وواثق إلى مرحلة جديدة مطبوعة بإدراج الفساد في منحنى تنازلي متين ومستدام، كضرورة لا محيد عنها لضمان تحرير كامل لطاقات التنمية التي تصبو إليها المملكة”.

كما أبرز أن مقومات هذا الانتقال “باتت متاحة ووصلت حاليا مرحلة من النضج تسمح بإطلاق استراتيجية جديدة، قادرة على تحقيق الأثر الملموس، خاصة على المدى القصير”.

وفي هذا السياق، توقف السيد الراشدي عند الدور الذي تضطلع به الهيئة ومسؤوليتها في إعداد التوجهات الاستراتيجية في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، والآليات الكفيلة بتنفيذها بالفعالية اللازمة لإحداث التغيير المرتقب، وذلك في إطار استراتيجية من جيل جديد على مستوى مقاربتها وعمق مضامينها وشموليتها وتماسك محتوياتها وحكامتها.

كما شدد على أهمية إعادة صياغة مرسوم اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى إدراج برنامج خاص بمكافحة الفساد في ميزانيات القطاعات، وتحديد المواعيد النهائية للتنفيذ والمسؤولين المحتملين عن كل مشروع، وكذا وضع إطار مؤسساتي للتعاون والتنسيق مع الحكومة وباقي المؤسسات والمتدخلين.

وسجل أن فعالية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد “تأثرت بمحدودية منظومة حكامتها، خاصة على مستوى الإشراف والتنسيق”، معتبرا أن الدينامية التي ميزت سنة 2019، بعد تبني التوصيات التي تقدمت بها الهيئة في إطار تقريرها الأول لتقييم الاستراتيجية ، والتي عرفت تعبئة جميع القطاعات والأطراف المعنية “سرعان ما عرفت فتورا ملحوظا بما رسخ العودة إلى تغليب البعد القطاعي، الأمر الذي شكل عاملا أساسيا في غياب النتائج المتوخاة”.

وجاء تقرير هذه السنة، يضيف السيد الراشدي، مجددا التأكيد على أن الوقاية من الفساد ومكافحته أولوية وطنية أساسية لتحقيق التنمية المتينة والمدمجة، بما يستلزم إطلاق دينامية حقيقية ومستعجلة ومؤسسة على مقاربة جديدة تعتمد على رصد الإنجازات المتراكمة من أجل تعزيزها وجعل آثارها متوافقة مع أهدافها، في إطار التماسك والالتقائية بين الفاعلين المعنيين، تحقيقا لفعالية الإجراءات.

واستعرض التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها برسم سنة 2023 حصيلة أعمال وإنجازات الهيئة خلال هذه السنة، والتي تميزت باستكمال سنة على تنصيب أجهزتها، وبمواصلة مجهوداتها في مجال تعميق المعرفة والنهوض بدعائم الوقاية من الفساد ومكافحته وتقديم التوصيات، علاوة على تعزيز قدراتها التنظيمية وتثبيت آليات تدبيرها الإداري والمالي.

وبخصوص تتبع مفعول التوصيات الواردة في التقارير السنوية للهيئة، سجل التقرير “تجاوبا نسبيا مع منظورها” بخصوص بعض المواضيع المهيكلة التي قدمت بشأنها رؤية متكاملة في إطار تقارير موضوعاتية خاصة في ما يتعلق بالتصريح الإجباري بالممتلكات، وتنازع المصالح، وحماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد، والتي أعدت بشأنها الحكومة مسودات ومشاريع قوانين أحالتها على الهيئة قصد إبداء الرأي حولها.

وأكدت الهيئة بهذا الخصوص، على ضرورة إدخال مجموعة من التعديلات على هذه المشاريع لتجاوز مظاهر القصور والنواقص التي من شأنها أن تحد من نجاعتها وفعاليتها، وهو ما حدا بها، من موقعها الاقتراحي، إلى طرح مجموعة من التوصيات لسد هذه النواقص، مع إعطائها الصيغة القانونية المناسبة لتسهيل إدراجها في المسار التشريعي المعتمد من طرف الجهات المعنية.

من جهة أخرى، تطرق التقرير إلى حصيلة الشكايات والتبليغات التي توصلت بها الهيئة ، والتي تم تصنيفها حسب موضوع التشكي، وقنواته وطبيعته والقطاعات المعنية بالتبليغات والشكايات، مسلطا الضوء على الملفات الخاصة بالشكايات والتبليغات التي اتخذت الهيئة بشأنها قرارات بالحفظ مع بيان الأسس والأحكام القانونية التي استندت عليها هذه القرارات .

وفي هذا الإطار، أبرز التقرير توصل الهيئة خلال سنة 2023 بـ 85 شكاية وتبليغا (40 شكاية و 45 تبليغا)، مضيفا أنه من خلال معالجتها ودراستها لهذه الشكايات والتبليغات، تبين لها أن أكثر من 85 في المائة منها لا تستوفي الشروط القانونية لقبولها، إما لانتفاء الشروط الشكلية المطلوبة قانونا، أو لكونها لا تدخل ضمن مهام الهيئة، أو لعدم تضمنها ما يكفي من المعطيات أو الحجج أو القرائن لإثبات شبهات جدية الحالة من حالات الفساد.

ولإذكاء الدينامية في القنوات المتاحة بهدف الدفع بتوصياتها ومقترحاتها، جددت الهيئة في تقريرها استعدادها للتدقيق في قنوات التنسيق وآليات العمل المشترك مع كل الأطراف المعنية، لافتة إلى ضرورة الاستثمار الأمثل في العامل الزمني، باعتباره رهانا لا محيد عنه للحد من انتشار الفساد وتسريع إعادة بناء الثقة في المجهودات المبذولة لترسيخ النزاهة ومكافحة الفساد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى