درس في الأخلاق والقانون لرُعَاعْ “الحظيرة الحقوقية”.. صحفي بريطاني مشهور يتحمل مسؤولية جرائمه الجنسية
اسمه أشهر من نار على علم كما يقال، وباعه الطويل في الصحافة وتقديم الأخبار تحديدا، لم يشفعا له من أن يُعفى من المُثول أمام القضاء البريطاني، للبث في حيازته لصور إباحية تخص الأطفال والقاصرين. إنه الصحافي إدوارد هيو Huw Edwards، كبير صحفيي قناة “البي بي سي” البريطانية، ذي الخبرة المهنية التي تناهز ال40 سنة تقريبا. ما أن تفجرت فصول فضائحه الجنسية التي ارتكبها خلال الفترة الممتدة ما بين دجنبر 2020 إلى غاية أبريل 2022، حتى ثارت ثائرة المجتمع البريطاني ضده.
لقد أَفُلَ نجم وجه إعلامي كبير، محبوب البريطانيين، حينما احتكم إلى شيطانه وعاث فسادا بالأطفال وخَلَّدَ لذلك صورا أقامت عليه الحجة فيما بعد. لقد اتفقت بريطانيا بالإجماع أنه لا تسامح أو تغاضي مع من يأتي المنكر ويُتاجر في البشر إرضاء لنزواته الشاذة. والحال ذاك، من المنتظر أن يمثل الصحافي إدوارد هيو، الرجل الذي تكلف بالإعلان رسميا عن وفاة الملكة إليزابيث الثانية، (يمثل) يوم 16 شتنبر المقبل، أمام القضاء البريطاني للنظر في ما اقترفه من فظاعات جنسية، بعدما اعترف من تلقاء نفسه بحيازته 41 صورة لأطفال قاصرين تَحَصَّلَ عليها عن طريق وسيط أرسلها له عبر تطبيق هاتفي.
النازلة وإن تحمل في طياتها قَرَفًا وبشاعة يتحول معها الإنسان في لحظات إلى كائن مفترس، إلا أنها على الأقل تبرهن مدى تصالح المتهم مع ما اقترفت يداه. وتضعنا أمام مجتمع كل فرد فيه يعي جيدا ما له وما عليه وما اكتسبت نفسه الأمارة بالسوء وما قد ينتظرها من مصير مشؤوم. هذا المسار السلس والبَيِّنْ لم يكن ليتأتى إلا والقانون ينزل بثقله على كل من زاغ عن الطريق المستقيم. بل حتى جمعيات المجتمع المدني البريطاني لم تنزل إلى الشارع إلا لاستنكار ما بدر من صحفي البي بي سي، مُشْهِرَةً في وجهه الورقة الحمراء لأنه مس البلاد فيما يندرج ضمن مقدساتها الإنسانية، ألى وهي صون وحماية الطفولة من كافة أشكال الاستغلال.
وعلى الضفة الأخرى من الكرة الأرضية، وبالمغرب تحديدا، حيث تتواجد حفنة من الشخصيات التي تورطت بدورها في جرائم جنسية. لم تترك بابا إلا وطرقته لدفع التهمة عن نفسها. بل نالت حصة الأسد من المساندة “الحقوقية” التي يتزعمها أطراف يتحينون الفرص للنيل من البلاد، عن طريق توظيف هكذا ملفات كحطب لإشعال فتيل الشوشرة والضرب في مصداقية المؤسسات الوطنية. وحبذا لو استطاعت مثل هذه الملفات التي يندى لها الجبين أن تآلف بين قلوب الإسلامي واليساري في بلادنا، وهو الأمر الذي وقفنا عنده عن كثب عند محاكمة كل من توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي. المنظمات الحقوقية والتنظيمات “اليسارية” و”المتأسلمة” اجتمعوا على ضلالة وهم يُسدلون على ملفاتهم الصبغة السياسية.
ولكل ما سبق، يظهر جليا أن الممارسة الحقوقية في بريطانيا تنهل بصرامة من روح القوانين المؤطرة للحياة في البلاد ولا تعترف البتة بمنطق الأصدقاء والخِلَّان أو ما شابه. فها هي حيازة صور أطفال وقاصرين تعصف بكبير صحافيي البي بي سي سنا وسمعة وخبرة وأجرا وتجعله عبرة لمن لا يُعتبر، وهاهم حقوقيونا “الجهابذة” بالمقابل، يُصفقون للمنكر والأباطيل للنيل من همة ضحايا الجرائم الجنسية وتبخيس مسعاهم في نيل حقوقهم كاملة من جلاديهم، وإن استفادوا من آلية العفو الملكي التي لا تسقط حقوقهم إطلاقا.