استقلالية القضاء المغربي من حيث المبدأ والممارسة .. مرتزقة الوطن يحتضرون في صمت

“نريد قضاء نزيها ومستقلا”… هكذا يتشدق تجار حقوق الإنسان صباح مساء في مجالسهم، وهم يخوضون في شؤون الوطن بكثير من الخبث وبقليل من المروءة. وعندما أوقعت استقلالية القضاء المغربي ابنة الدار، قاضية متقاعدة لما تورطت فيه من تجاوزات بلغت حد الإبلاغ عن وقائع تعلم علم اليقين عدم حدوثها محاولة توريط مسؤول قضائي في نزاعها العائلي، خرج نصاب كندا هشام جيراندو ليتقاسم معنا صدمته جراء استقلال القضاء المغربي. خرج المعني بالأمر يضرب الأخماس في الأسداس تحسرا على احتكام مؤسسات البلاد لمبدأ إلزامية ربط المسؤولية بالمحاسبة، بغض النظر عن المكانة الاجتماعية أو الاعتبارية لأطراف النزاع. لا ندري إن كان الرجل يحاول إقناع نفسه أم إقناعنا بأنه يدافع حقا عن سيدة تنتمي سابقا لسلك القضاء الذي لم يروقه يوما.
بالأمس القريب، وذاكرة الويب تحتفظ للمعني بالأمر بجملة من الخرجات الوقحة، التي كال فيها من التهم والسِبَاب في حق أسرة القضاء المغربي ما لا يصدقه عقل أو يقبله منطق، متوعدا غير ما مرة، بمزيد من الفضائح والتسريبات المذيلة بختم “مصادر عليمة”. ثم دارت الأيام وشاءت الأقدار أن يُرفع الستار عن مصادر “شواف” كندا الذي يعول كثيرا على تجار المخدرات كمصدر مسلم به لتوزيع التهم يمنة وشمالا على رجالات المغرب، ثم منح صكوك الغفران لآخرين نكاية في الوطن ومؤسساته الساهرة على تطبيق القانون في حق كل من زاغ عن الطريق.
ومن المبتز هشام جيراندو يتلقف الإرهابي محمد حاجب كرة الثلج التي يُدَحرجها، نقلا عن معقل السبايا “الحياة اليومية” لمالكها مهرج المحاكم سابقا محمد زيان، ذي السجل القضائي الحافل بشتى أنواع التجاوزات القانونية. كما العادة الخطاب واحد وقنوات تصريفه عديدة “المخزن/الاعتقال/السجن”.
هي كلمات لا ينفك مرتزقة الوطن عبر العالم الافتراضي المدر للدخل، من الانتقال بينها في كل حين وآن، علها تلتصق بالعقل الباطن للمتلقي وتفعل فعلتها في قناعاته، فيصير السواد والعدمية منتشرا بين أبناء الوطن الواحد كانتشار الفطريات السامة على أطراف الأشجار. غير أن المسعى ينقلب على متزعميه. لماذا يا ترى؟ الجواب بسيط: تكرار المواقف وسياسة التقريع المتواصل تكرس فتورا في النفوس وتُفرغ الخطابات الخبيثة والجوفاء من غايتها ومؤداها. لذلك، لا عجب من أن كثرة النباح تصم الأذان الواعية وتفتح العقول الميالة دائما إلى التحليل والتمحيص الدقيق للدوافع الكامنة وراء هكذا تهجمات.
لقد قلناها سابقا ونعيد الكرة كلما سمحت الفرصة بذلك، على من يدعي الإصلاح من خارج المؤسسات الوطنية والدستورية أن يتجرع الخيبات تلو الأخرى، لأن المملكة سائرة في درب “اللي حصل يودي”، زادها في العملية قانون صارم وموارد بشرية حريصة على اتخاذ المتعين في حق كل مخالف. وما حالة القاضية السابقة (م.ع) إلا مثال حي على أن القانون فوق الجميع، وأن معاول الهدم، أمثال هشام جيراندو ومحمد حاجب أو حتى محمد زيان ومن يدور في فلكه، يثبتون لنا كل مرة أن الهدف لم يكن يوما قوانين البلاد وإنما التربص بمسؤولي البلاد حتى إشعار آخر من أعداء المملكة الشريفة.