عفاف برناني… توفيق بوعشرين وضحاياه قنطرة “لا إنسانية” لبلوغ الضفة الأخرى

لا تبهرنا البدايات، نحتكم دائما وأبدا لتفاصيل النهايات. بل إننا لا نُلقى بالا حتى لمن يصرخ ويولول أمام عدسات الكاميرات قائلا “اللهم إن هذا منكر”، لأن قبح المصالح كفيل بأن يجعل المرء يُقسم بأغلظ الأيمان، أو حتى يتبنى طرحا معينا لسنوات إلى أن يحين وقت قِطاف ثمار غِراسه، وآنذاك له خيارين لا ثالث لهما: إما الاستمرار في تقمص دوره بإتقان أو العدول عن ما كان يشكل بالأمس القريب، “قناعات راسخة” بالنسبة له. وتجارب الحياة دوما ما تضعنا أما النوع الثاني، الذي يرجح كفة مصالحه على وازعه الديني المزعوم “اللهم إن هذا منكر”.
والقول هذا، لا نبتغي وراءه ضرب الآخر في طموحاته أو استكثارها عليه. بل على العكس تماما، طموح الارتقاء هي رغبة تُرافق الإنسان إلى مماته. إنما الطموح الرهين بجعل الغير جسر قصير ما أن تعتليه حتى تبلغ عنان السماء، هنا مكمن الخلل، لأن المسعى يتعارض مع الوسيلة المتبعة لنيله.
لن ينسينا الزمان، منذ أن تفجرت فصول فضيحة الاستغلال الجنسي الذي تعرضت له صحافيات الموقع الإخباري “أخبار اليوم” على يد مديرهم المباشر آنذاك توفيق بوعشرين، وهو يرتضي لنفسه معاملتهن بمنطق الجنس مقابل العمل، لم تدخر جهدا “سطونداريست” معقل السبايا إياه “عفاف” برناني، في الدفاع المستميت عن أخلاق و”شرف” مديرها، وكأنها تُصبغ على شخصه وصف الملاك المنزه. ومع توالي أطوار المحاكمة وانكشاف تفاصيل فيلم الاستعباد فوق أريكة العار بعمارة الأحباس بالدار البيضاء، بدأت تظهر شيئا فشيئا ملامح شخصية سيدة لا تجمعها بعوالم الصحافة والإعلام غير دور السطونداريست أو السكرتيرة، على أبعد تقدير كانت تؤديها بأجر شهري يوازي 6000 درهم. هنا السيدة التي انسلت بمكر من بين زميلاتها المضطهدات جنسيا، علما أنه سبق لها واشتكت قضائيا على توفيق بوعشرين بأنه تحرش بها هي الأخرى قبل أن تسحب شكايتها، وتتفرغ لتعميق جراح المغتصبات داخل مكتب مديرها، أخذتها الحماسة لأن “البراني” استقطبها بوعود سريالية قد تبوئها يوما ما مكانة “المرأة الحقوقية” الأكثر طلبا دوليا.
وسيرا على هذا النهج، كانت الرحلة الأولى صوب تونس شاملة التكاليف، للهروب من الحكم الصادر في حقها من قبل القضاء المغربي والقاضي بالسجن 6 أشهر، بتهمة التشهير وسب موظف عمومي، من خلال التنديد بجريمة لم تقع أصلا. وحينما اشتد عَضُدُهَا وهُيِّئَتْ لها الظروف كي تحل بالولايات المتحدة الأمريكية، استقلت الطائرة وتوجهت صوبها بحثا عن المستقبل الموعود والقائم على أنقاض زميلاتها المغتصبات.
أي نضال حقوقي هذا قد ينخرط فيه المرء ويحمله على تبنى دفاع لا مشروط عن مغتصب المستخدمات داخل مؤسسته الإعلامية، ومنهن المتزوجة والحامل إبان وقوع الجريمة النكراء، ثم لبت نداء ربها في نهاية النفق المظلم؟؟ اليوم وعفاف برناني يطيب لها أن تعتز بما بلغته من نجاح “مقيت” تبرهن لنا أن مصائب قوم عند قوم فوائد. فنتمنى لها من منفاها الاختياري “التوفيق” ولتوفيق من سجنه “الخيبة” لأنه اعتقد -واهما- أن السكرتيرة عفاف برناني ستنذر ما تبقى من عمرها جائلة بملفه الجنسي داخل المنظمات الحقوقية، التي لا نتمنى أن تستغل هي الأخرى تعطش برناني للمجد المهني وأن تُقحمها في متاهات أكبر من حجمها، ولنا في منظمة Border Forensics خير مثال كون هذه الجهات تحدد سرعة مسار أبناء دول العالم الثالث عُنوة ولا ترى فيهم إلا مصادر خصبة للمعلومات الداخلية، تنتهي صلاحيتهم بتراجع قدرتهم على الإتيان بالجديد ولو كذبا.
ومن لا عين ثاقبة له لا جدوى منه، لهذا نسأل السيدة عفاف برناني السماح لنا في استفسارها عن طلتها وهي تزف لنا خبر انضمامها إلى المنظمة العتيدة “اللاعفو الدولية” فرع الولايات المتحدة الأمريكية: من أين أنت قادمة وإلى أين أنت ذاهبة بتلك الجوارب “المبتذلة”؟؟.