منظمة “Border Forensics” في قلب فضيحة.. تحقيق مدفوع وسرقة لبيانات جمعية مغربية حول واقعة “اقتحام مليلية”

في خرق سافر لأخلقيات العمل الحقوقي والاستقصائي، قامت منظمة “Border Forensics” بسرقة بيانات التحقيقات التي كان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور قد قام بها بشأن واقعة “اقتحام مليلية” التي يعود تاريخها إلى 24 يونيو 2022، ونشرها دون موافقتها، ما يضع المنظمة في قلب فضيحة مدوية.
وأعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع الناظور، في بيان نشرته مساء يوم الأربعاء 19 يونيو على حسابها الرسمي على “فيسبوك”، “بأنها غير معنية بما يسمى “التحقيق المضاد” الذي قامت به منظمة “Border Forensics” حول واقعة “اقتحام مليلية”، مؤكدة أنها انسحبت من مشروع التحقيق منذ أكثر من عام احتجاجا على التصرفات غير المقبولة لرئيس المنظمة المذكورة.
وشددت الجمعية على أنه بعد انسحابها من المشروع، طلبت من منظمة “Border Forensics” عدم استخدام بياناتها التي كانت قد جمعتها بشأن حادث “اقتحام مليلية”، مستنكرة تجاهل المنظمة المذكورة للأمر وتعمُّدها نشر تلك المعطيات على نطاق واسع، رغم عدم موافقتها على ذلك.
وانتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بلغة شديدة اللهجة، تصرفات منظمة “Border Forensics” تجاهها، قائلة بهذا الخصوص: “عندما نتعامل مع المنظمات غير الحكومية الجنوبية وخاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور بغطرسة وتمييز، لا يمكننا أن ندعي الدفاع عن مبادئ العدالة والحقيقة لضحايا مجزرة 24 يونيو 2022″، مشددة على أنه لا يحق لمثل هذه المنظمات إعطاء الدروس في العمل الحقوقي لمجرد أنها تنشط من سويسرا أو أوروبا.
الخرق السافر لأخلقيات العمل الحقوقي الذي ارتكبته منظمة “Border Forensics” لا يقتصر فقط على استعمالها بيانات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان دون إذنها وإقحامها عنوة في الموضوع رغم انسحابها من مشروع التحقيق الذي نشرته حول واقعة “اقتحام مليلية”، بل يتجلى أيضا في منهجية التحقيق نفسه الذي تبين أنه منحاز وغير موضوعي بشكل كبير، بل مدفوع بخلفيات سياسية مشبوهة بعيدا كل البعد عن الأهداف الحقوقية المزعومة.
التحقيق إياه، لم يتطرق ولو لمرة واحدة لمسؤولية النظام الجزائري وتورطه الفاضح في تجييش المهاجرين وتحريضهم على اجتياح مليلية عبر الناظور، وقامت بتحميل المسؤولية كاملة للمغرب وإسبانيا.
وكانت تقارير إعلامية إسبانية، قد كشفت أن النظام الجزائري متورط في تلك الأحداث، حيث قام بتجييش المهاجرين عبر شبكات ومافيات للاتجار في البشر من أجل تسهيل تسللهم إلى التراب المغربي، ثم اقتحام مليلية وسبتة المحتلتين.
وكانت كل من وكالة “أوروبا بريس” وصحيفة “لارثون”، قد كشفتا أن حوالي 30 ألف مهاجر إفريقي من دول جنوب الصحراء كانوا يتواجدون بمدينة مغنية المتواجدة بالقرب من الشريط الحدودي الجزائري المغربي، ما يعزز فرضية تسلل مئات المهاجرين إلى التراب المغربي بواسطة شبكات تهجير جزائرية تتقاضى أموالا طائلة لتهريب المهاجرين الحالمين بالهجرة لأوروبا عبر معبري مليلة وسبتة المحتلتين.
وكانت مصادر أمنية رفيعة المستوى من وزارة الداخلية الإسبانية، قد أفادت بأن مدريد تخشى أن تكون الجزائر وراء عملية الاقتحام الجماعية التي قام حوالي 2000 مهاجر غير شرعي، لمدينة مليلية يوم الجمعة 24 يونيو، حسب ما نقلته جريدة “إل موندو“.
ومن الجانب المغربي، كان مصدر من سفارة المغرب بمدريد، قد تحدث إلى وكالة “أوروبا بريس” الإسبانية، عن تورط الجزائر في الموضوع، بقوله: “الأمر نتيجة التراخي المتعمد على الحدود الجزائرية والتي تركت هؤلاء المهاجرين يأتون جماعات عبر الحدود المغربية صوب مليلية”.
وأكد المصدر الدبلوماسي من السفارة المغربية في مدريد، على أن “العنف المفرط للمهاجمين واستراتيجية الهجوم تُـشير إلى إحساس عالٍ بالتنظيم، والتقدم المخطط له، وهيكل هرمي للقادة المخضرمين والمدربين الذين لديهم ملامح من رجال الميليشيات ذوي الخبرة في مناطق النزاع”.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات العمومية، تمكنت أثناء إحباط محاولة حوالي 2000 مهاجر إفريقي من دول جنوب الصحراء، من حجز آلات حادة وعصي وأسلحة بيضاء بحوزة الأفارقة المقتحمين لمعبر مليلية المحتلة وأظهرت صور متداولة حجم المعدات المحجوزة لدى الأفارقة التي كانت تستخدم في عملية الإقتحام والهجوم على السلطات العمومية لإعاقة عملها.
وكان أحد المهاجرين الأفارقة قد صرح في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن عسكر الجزائر قام بإلقائهم في صحراء النيجر ومعهم نساء ورضع بدون رحمة، مشيدا بسلوك المغرب الذي يعمل على ترحيلهم إلى بلدانهم بدل تعريضهم للموت في الصحراء.
وكانت السلطات المغربية قد عقدت اجتماعا استثنائيا مع السلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد في الرباط بعد الواقعة من أجل كشف حقيقة الحادث وتقديم جل الأدلة كتسجيلات الفيديو وغيرها من أجل ازاحة المسؤولية عن الجانب المغربي.
وتبين خلال هذا الاجتماع أن هذا الهجوم تم تنفيذه بعنف كبير وتم التخطيط له بعناية من قبل قادة متمرسين يعملون في إطار شبكات للإتجار في البشر، حيث اقدموا على تدريب وتسليح المهاجرين بالمناجل والسكاكين والقضبان الحديدية والعصي والحجارة، ولم يترددوا في استخدامها أيضاً ضد العناصر الأمنية.
كما أظهرت مقاطع الفيديو التي وثقت الحادث، أن الوفيات والإصابات نجمت عن سقوط المهاجرين الأفارقة أثناء تسلق الأسوار أو عند التدافع قرب نقطة العبور، المجهزة ببوابة دوارة، والتي لا تسمح بعبور إلا شخص واحد.
ومن جهة أخرى، تم إتباث عدم إطلاق أعيرة نارية من قبل الشرطة المغربية، على عكس ما يروج له بعض مقدمي الأخبار عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي، كما أن الشرطة المغربية استخدمت وسائل تقليدية فقط لحفظ النظام العام والدفاع عن نفسها ضد هذا الإجتياح البشري الذي تجاوز 2000 شخص.