هشام جيراندو: النبش في رٌفَاة الأموات ممارسة خبيثة لا تتقنها إلا “المشعوذات” (كاريكاتير)
![هشام جيراندو: النبش في رٌفَاة الأموات ممارسة خبيثة لا تتقنها إلا "المشعوذات" (كاريكاتير) 1 هشام جيراندو](https://www.marocmedias.com/wp-content/uploads/2024/06/Hicham-Gerando.jpg)
تكرم علينا خلف المحقق كونان، هشام جيراندو الذي يهابه المخزن، ونزل من برجه العاجي كي يصحح لنا ما بتنا نعتبره حقائق مسلم بها كمغاربة أولا وكمسلمين ثانيا متشبثين بأهداب “ربي والنبي”. فجأة لم يعد مسموحا لنا أن نعتقد أن “الموت علينا حق” مصداقا لقوله تعالى: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]. وفجأة صرنا مضطهدين في معتقداتنا وصار عزرائيل يزور كل من سقطت ورقة أجله بأمر من المغرب والعياذ بالله. ونحن على هُدًى من الله في عيشتنا ومحيانا أضحى التشكيك في دُنٌوْ أجلنا أمرا يبعث على الريبة والرعب النفسي. والنتيجة، بحسب الهارب من العدالة المغربية نحو كندا، قد نودع الأرض قبيل ميعادنا من فرط توجسنا أن يتعقبنا ملك الموت بإيعاز من أحدهم.
الحديث هنا فرضته الحكاية الفاقدة للحبكة الدرامية التي قَصَّهَا على مسامعنا المذكور أعلاه، وهو ينبش في رُفَاة المرحوم عبد الله باها، نائب الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، كمشعوذة تتحين الليل والناس نِيَامْ كي تتسوق موتاها من المقابر لأغراض خبيثة، لا يعلم حجم ضررها وما يُقابلها من غنائم غيرها.
فالمحقق Con-Âne والمشعوذات سواء في المسعى والمناورات، بيد أن تجارة الموتى سوق مدر للدخل ولا يُقْبِلُ عليه إلا العارفون بخبايا عوالم الصمت الأبدي. وطالما المرحوم عبد الله باها المتواجد في “دار الحق” لا يستطيع إطلاقا البث في ما يقال له وعنه وبه، فللناقمين على مؤسسات الوطن هوامش من الحرية كي يَحِيكُوا ما يُناسب أطروحاتهم من أحداث وواقع يقف أمامها المنطق مشدوها. فلا عجب إن صنفوا وفاة الرجل في خانة اتفاقية ثنائية جمعت المغرب بنظيرته بريطانيا لإزاحته من المشهد.
فسبحان من وهبهم لسانا واحدا ونص سيناريو موحد، يغيرون في جزئياته بشكل طفيف، كلما استجد طارئ أو تغير الهدف المقصود من خرجاتهم. وهنا مكمن البلادة، حيث لا يستقيم لعاقل أن ينبش أحدهم في وفاة قدرية مرت عليها قرابة ال10 سنوات للحديث عن قتل مدبر أو مؤامرة حِيكَتْ تفاصيلها بين جدران مؤسسات الوطن. أي كلام من هذا الصنف يطرح مقابله تساؤلات وجيهة: ما هي خلفية المروج لهكذا ادعاءات؟ وما هي أوجه الاختلاف أو التآلف (إن وجدت طبعا) التي تطبع علاقة مدعي الأباطيل مع وطنه ومؤسساته؟ وأخيرا وليس آخرا، “واش شادين عليك أولياء نعمتك ما يثقل كاهلك حتى تقيم فلترة للبالي من القضايا؟؟.
وحتى إن قبلنا على مضض النبش في أحداث محسومة سلفا بأجل من الباري، وأيقنا -سهوا- أن الهدف لا يعدو أن يكون سوى محاولة صادقة لتطييبها أو رتقها، فهل تُأخذ الحكمة والحقائق من أفواه المرضى النفسيين؟ هل يعلم راعي أزياء المسؤولين الكنديين أن “شاهدته العيانة” عن تفاصيل وفاة عبد الله باها قد أُلْحِقَتْ بمصحة نفسية لتلقي العلاج اللازم وبطلب من ذويها؟ إذن، “اللي فطر مع “الحمقى” كيصبح فاطر”. سيدة اختلط عليها الحابل بالنابل وفقدت توازنها النفسي بفعل مشاكلها مع طليقها البريطاني، فلم تعد تعي ممن تنتقم بالضبط. والحقيقة كما هي، السيدة انتقمت من هشام جيراندو “صائد السكوبات” المذيلة بعبارة “تحياتي للشعب المغربي المعتقل داخل الفساد”. السيدة وإن اختلت موازينها وأصبغت على طليقها البريطاني صفة رفيق رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كشفت لنا على الأقل، أنها لا تتفوق على حمقى الوطن في افتراس المرض لملكة العقل لديهم.
لكن هون عليك يا جيراندو، فلكل جواد كبوة ولو بعد حين، فمن يضع نُصب أعينه كرس شوكة أحدهم قد تتبدى له الحقيقة تنطلق من أفواه الحمقى وما جاورهم من أعِلاّء البلاد. وتحياتنا لجيراندو المعتقل داخل مجرة الخونة.