حملة تستهدف مهرجان موازين دون غيره.. “المتأسلمون” والكيل بمكيالين في التضامن مع الشعب الفلسطيني

على بعد أسابيع من العودة الجديدة لمهرجان “موازين.. إيقاعات العالم” المقرر إقامته في مدينة الرباط، اعتبارًا من 21 يونيو ولغاية 29 يونيو 2024، وذلك بعد توقف دام أزيد من أربع سنوات بسبب ظروف جائحة كورونا التي ضربت العالم والمغرب سنة 2020 وتسببت في شلل الحركة الفنية بالبلاد وتوقف التظاهرات الكبرى، تعالت المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإلغاء المهرجان الغنائي تضامنا مع الشعب الفلسطيني.
كما العادة، كانت جماعة العدل والإحسان وراء شن هذه الحملة الداعية وجند ناطق الجماعة على مواقع التواصل حسن بناجح الأتباع عن طريق طرح عدد من “الهاشتاغات” الرافضة لتنظيم الحفل الموسيقي بدعوة عدم الرقص على جثث الفلسطينيين وأنه لا داعي لتنظيم هذا المهرجان. أكيد أن الجماعة كانت دائما وراء مهاجمة كل الأنشطة الفنية التي تنظمها البلاد بدعوة تبذير أموال الشعب، علما أن أغلب هذه المهرجانات ممولة من طرف شركات خاصة.
كما طالب عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الموقع على اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل، بإلغاء الدورة المبرمجة من مهرجان موازين أو على الأقل تأجيلها، بدعوى التضامن مع الشعب الفلسطيني.
في هذا الإطار يجب التأكيد أنه منذ 2012 انتهى الدعم العمومي لمهرجان موازين. وفيما يلي تذكير بهذا الانتقال وكيف أصبح مهرجانا مواطنا يضمن استقلاله الاقتصادي من خلال النجاح الذي تعرفه كل دورة من دوراته. وكشفت النماذج الاقتصادية للمهرجان عن انتقاله من مرحلة تمتد من 2001 إلى 2005، عرفت تمويلا عموميا بنسبة كبيرة (60 في المائة من الدعم العمومي و40 في المائة من المحتضنين العموميين وشبه العموميين) إلى مرحلة أخرى (2006-2007) توزعت فيها الموارد بين 5 في المائة من التذاكر و57 في المائة كدعم عمومي و38 في المائة من المحتضنين العموميين وشبه العموميين والخواص. وفي الفترة 2008-2010 تم تخفيض الدعم العمومي إلى 6 في المائة، مقابل 34 في المائة من المحتضنين العموميين وشبه العموميين والخواص و 60 في المائة من المداخيل المتنوعة، لتسجل سنة 2011-2012 نهاية الدعم العمومي بحيث توزعت موارد المهرجان بين 32 في المائة من الدعم الخاص و68 بالمائة من المداخيل المتنوعة.
الحساب الرسمي لقناة الجزيرة القطرية على منصة “X” تفاعلت مع “الهاشتاغ” ودعت هي أيضا إلى مقاطعة مهرجان موازين. السؤال المطروح، هل يجب علينا فعلا إيقاف الحياة وعدم تنظيم مهرجانات فنية في المغرب من أجل دعم القضية الفلسطينية ؟ ولماذا فقط هي المهرجانات المغربية المستهدفة دائما ولا نسمع بحملات مماثلة ضد المهرجانات الفنية التي تستقطبها بعض الدول العربية؟ هذا التفاعل شمل أيضا أشخاصا من عدة دول عربية لمقاطعة مهرجان موازين، في نفس الوقت شهدت عدة دول عربية تنظيم عدة مهرجانات وحفلات فنية.
إن كانت قناة الجزيرة القطرية مهتمة لهذا الحد بإلغاء مهرجان موازين الذي ينظم في المغرب، لماذا لم نراها تدعو إلى مقاطعة المهرجانات والتظاهرات الفنية والاحتفالية التي تنظمها قطر نفسها، نذكر منها: الدورة الثانية عشرة من مهرجان أجيال السينمائي التي ستنظم خلال الفترة من 16 إلى 23 نوفمبر2024، ومهرجان قطر للألعاب الذي الذي تنظمه قطر للسياحة بالتعاون مع قناة “سبيستون” في إطار حملة “الصيف في قطر” التي أطلقتها قطر للسياحة، وكأس آسيا المنظم من 12 يناير حتى 10 فبراير 2024 و الذي فازت به قطر و عمت الاحتفالات حيث احتفل القطريون باحتفاظ منتخب بلادهم لكرة القدم باللقب… ومختلف الاحتفالات التي لم تتوانى قطر ولا القطريون عن تنظيمها في عز العدوان على غزة.
كما نتسائل لماذا يتم استهداف المغرب فقط دون غيره من البلدان العربية التي عرفت هي الأخرى تنظيم احتفالات ومهرجانات فنية في هذه الفترة ؟ لماذا لا أحد هاجم مهرجانات البلدان الأخرى ويتم فقط استهداف المغرب ؟
أكيدا، لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، والمملكة المغربية كما باقي دول العالم أدان ويدين ما يقع بغزة، بل وكان المغرب من أول الدول التي حققت اختراقا كبيرا فيما يتعلق بالحصار المضروب على غزة وأوصل المساعدات إلى الفلسطينيين لأول مرة عبر معبر بري بعد التمكن من الحصول على موافقة السلطات الإسرائيلية للدخول إلى قطاع غزة، ناهيك عن المساعدات المالية والطبية.
الحياة مستمرة في المغرب، فإن كانت الجماعة وأنصارها لا تنفك عن تنظيم الوقفات التضامنية مع فلسطين، إلا أنه هناك مغاربة آخرون يريدون الترفيه عن أنفسهم وحضور سهرات غنائية لفنانين يحبونهم وهذا لا يفسد للود قضية. فلا أحد يرغم على أحد حضور سهرات موازين، فهو يبقى اختيار شخصي ولا علاقة له بالتضامن مع فلسطين لا من قريب أو من بعيد، لكن يجب علينا أن نتعلم أن لا نجعل أنفسنا مفتيين على بقية المغاربة.