يوميات حميد المهداوي وعقدة انتحال صفة “ضابط الحالة المدنية”
بقلم شكيب بن الضاوي
جاءني اتصال مباغت من أحد أقارب رضا بمدينة أكادير لإجراء حوار معه حول مستجدات المستشفيات بالمنطقة، ونظرا لصعوبة تنقله إلى الرباط العاصمة، قررت الانتقال لعين المكان من أجل تمرير ما يود إيصاله إلى متابعي قناة بديل، وعبرها إلى كل المغاربة.
ارتأيت التنقل إلى أكادير أوفلا عبر الطائرة لربح الوقت، خاصة مع توفر خدمة النقل الجوي منخفض التكلفة الذي تقدمه شركة الطيران رايان إير “Ryanair”، وبذلك أكون حققت حلم السفر عبر الطائرة لأول مرة في حياتي.
في غمرة الفرح وفرصة تغيير أجواء مدينتي سلا والرباط، دخلت للموقع الإلكتروني الخاص بشركة الطيران لشراء تذكرتي ذهاب وإياب من الرباط إلى أكادير، تذكرت أن جواز سفري منتهي الصلاحية منذ 2015 وأنه لابد من الإدلاء به عند صعود الطائرة.
كنت في عجل من أمري للانتقال إلى عروس الجنوب المغربي، فما كان علي غير اللجوء إلى أصدقائي ومعارفي لتسهيل الحصول على هذه الوثيقة الإدارية. اتصلت بصديقي المهدي، العضو الجماعي بدائرة حي المحيط، الرباط من أجل التماس تدخله لتسهيل تجديد جواز سفري، فأخبرني أنه في مهمة مستعجلة بمدينة البوغاز.
أصبت بحيرة من أمري، لم أجد غير طلب الخدمة ممن كانوا في مراكز القرار. استخرجت هاتفي الأيفون 15 وولجت إلى سجل الأسماء أبحث عن السيد الراضي، كانت فرصتي الأخيرة لإنقاذ الموقف والحصول على الدعم المنشود منه، خاصة أنني لم أتوان يوما في دعمه ومؤازرته، سواء عندما كان في أمس الحاجة أو غيرها، وكيف جعلت قناتي المليونية في خدمة تحسين صورته بين المغاربة. طلبت الرقم، وكانت المفاجئة كبيرة، فقط العلبة الصوتية وبها تسجيل صوتي يخبرنا أن السيد الراضي يوجد بالديار المقدسة لأداء مناسك العمرة و”غسل عضيماتو من كثرة الذنوب”.
لم يعد لي من خيار (أو جَزر) سوى جمع الوثائق المطلوبة والاعتماد على نفسي، ولو مرة واحدة في حياتي، من أجل تجديد جواز السفر.
جمعت كل الوثائق المطلوبة، وأخذت صورة شمسية جديدة بعد أن قمت بحلاقة ذقني جيدا، اخترت أجمل ما لدي من بدلات أنيقة، حيت وقع اختياري على “Smoking” أسود ووضعت ربطة العنق العكرية (المعروف عند المغاربة بالكرونة)، وأنتم تتذكرونها جيدا فهي التي كنت أضعها عندما كنت أرتدي السترة الجلدية “القهوية أو المارون”. كل هذا الاهتمام بنفسي، لأني أعلم بخبايا الإدارات العمومية، وأن المظهر يسرع ما تود الحصول عليه بنسبة %98 و20 درهم ل %02 المتبقية لاكتمال النصاب.
اخترت الإثنين صباحا لولوج المقاطعة، خاصة مصلحة جواز السفر. كنت قد وصلت في حدود الثامنة والنصف، كانت الأجواء هادئة، القليل من الموظفين قد حظروا إلى مكاتبهم، وحوالي 6 أو 8 أشخاص كانوا قد حجزوا أماكنهم بمكتب الجوازات. أخذت مقعدا بينهم وحاولت حفظ وجوه الجميع في حال أراد شخص جديد مكانا بيننا وإفساد الترتيب. امتلأت القاعة بالناس فقط دقائق بعد وصولي.
حظر ضابط الحالة المدنية وبدأ في استقبال المواطنين الراغبين في الحصول على جوازات سفرهم، بعد خروج رجل من عند ضابط الحالة المدنية، جمعت ملفي واتجهت إلى مكتبه، إذ بصوت امرأة يأتي من جانبي الأيسر : “فين غادي أوا…واش غير لي جا يدخل. الناس تيتخدو رقم الترتيب قبل الدخول إلى المكتب. را ماشي غير لي جا بحالك، لابس كوستيم ديال العراسات يبغي يدوز هو الأول. أجي بعدا، واش عمرتي الاستمارة ؟”.
“واك واك أ خوتي المغاربة”، لقد طفح الكيل. بعيدا عن الاستمارة التي لا أعرفها، لكن لماذا الجميع يريد انتحال صفة ؟ كيف لهذه الخمسينية أن تنتحل صفة ضابط الحالة المدنية وهي مهنة ينظمها القانون ؟ أكيد هي لا تعرف مقتضيات الفصل 380. وا حصرتاه… لو كانت من متابعي قناتي اليوتيوبية لتعلمت بعض القوانين التي يمكن أن تفيدها في حياتها. لكن ذنبها الوحيد أنها “طاحت مع راجل مها، المهداوي لي قاري القانون في لا فاك وخاد التجربة من الحبس. غادي نجرجرها في المحاكم باش تعرف راسها معامن تتهضر”.