يوميات حميد المهداوي وعقدة انتحال صفة ! (الطبيب)

بقلم شكيب بن الضاوي

عدنا إلى البيت في حدود منتصف الليل، بعد تناول وجبة الإفطار عند صديق الطفولة المهدي، فعلا كان إفطارا شهيا. قضينا وقتا ممتعا، تبادلنا فيه أطراف الحديث واسترجعنا جزء من لحظات صغرنا بما شابه من طرائف وعجائب، وكل الشغب الذي كنا نقوم به بين ساكنة الجوار. أكلنا وشربنا وضحكنا كثيرا.

نسيت حينها أني صحافي ويوتوبر مشهور، له جمهور عريض ينتظر جديده، نسيت لساعات أن علي إعداد حلقات جديدة عن الاختلالات التي تعرفها بلادنا، أو دعوة عالم دين محنك (من كبر لحْناك وليس الحِنكة) لتنوير المغاربة حول الدين، وفرائض الزكاة وكيفية الوضوء الصحيح، وإرجاع دين رمضان، وعن ظاهرة تكاثر حراس السيارات قرب المساجد في شهر رمضان. بل نسيت حتى أن أتصل بصديقي غالي وأضرب معه موعدا لتنوير الرأي حول أسباب اختفاء “البوماضا الصفرا” و”الكينة الخضرا” من السوق المحلي للأدوية.

وأنا أراجع بعض التعاليق حول مقال الشرعي الأخير، والدعم الذي يتلقاه من عشيرة نعم لعلاقات طبيعية مع إسرائيل، وأحاول تصفح ومشاهدة ما قيل عني، في اليوتوب، من أعداء النجاح كتحفة وغيره، إذ ببشرى تطلب مني الإذن لتذهب إلى النوم، بعد أن اطمأنت على خلود الأطفال للنعاس. تمنيت لها ليلة سعيدة وقلت لها أني سأراجع بعض دروس القانون الدستوري فلا أريد تضييع فرصة الحصول على الماستر هذه السنة، ولا أرغب في المرور إلى “Rattrapage”، فيقال عن المهداوي أنه كسول.

كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا من يومه الثلاثاء 29 رمضان، سمعت أنين بشرى يأتي من غرفة النوم. توجهت إليها بوجه السرعة وسألتها عن سبب آلامها، فأشارت بسبابتها إلى فها، ففهمت أنها تعاني من صداع على مستوى الأسنان، ربما كان ذلك بسبب كثرة الحلويات الشهية التي تناولتها في بيت صديقي المهدي، فزوجته طباخة ماهرة.

أخذتها على عجل وتوجهنا نحو المستشفى. كنت في حيرة من أمري، آ أخذها إلى مصحة خاصة أو مستشفى عمومي؟  فبالرغم من ضعف الإمكانيات اللوجستية وقلة الأطقم الطبية، إضافة إلى الإضرابات التي تعرفها شغيلة هذا القطاع من ممرضات وممرضين، إلا أنه لدي ثقة كاملة في كفاءة الأطباء بالقطاع العام، عوض مفترسي القطاع الخاص، ممن ينهشون جيوب الفقراء.

وصلنا إلى باب المستعجلات بالمستشفى الإقليمي لمدينة سلا، كان في استقبالنا حارس شاب في باب المصحة. نظر إلي وابتسم، يبدو أنه يعرف من أكون. “عارف الظروف ماشي هي هاديك، ولكن مرحبا بالسي حميد ونهار كبير هذا لي شناك فيه. واش المدام لباس عليها”. قلت له أنها تعاني من صداع على مستوى الأسنان، فقال لي لا داعي لأداء الواجب الآن وأن أتركه لما بعد فحص المدام.

أخذني إلى صالة كبيرة وطلب مني الجلوس في انتظار الطبيب المداوم الذي ذهب يحتسي قهوة ويشرب بعض السجائر. مرت 7 دقائق ولم يحضر الطبيب بعد، كان أنين بشرى يملأ الصالة حركية كصوت امرأة تتوجع من شدة آلام المخاض. بعد هنيهة توجه نحوي الحارس وقال : “ما تخافش أ با حميد. “Lmadame na rien de graf” نشاء الله. إلا ما كانش عندها Absi (Abcès dentaire) خود ليها غير Gelufène,” Nurofenflash” أو “Ibuprofène mylan 400 mg”، تاخد حبة ولا جوج وغدا نشاء الله تصبح بخير”.

ما هذا المستوى الذي وصل إليه أ خوتي المغاربة؟ كيف يعقل لواحد ليس له مستوى الكاطريام أن ينتحل صفة طبيب، وهي مهنة ينظمها القانون. هل يريد أن يعرض حياة زوجتي للخطر ؟ واش ما تيعرفش أن القانون يعاقب بعقوبة حبسية تصل إلى خمس سنوات بالإضافة إلى غرامة مالية حسب مقتضيات الفصل 380. ألم يقرأ في المواقع الإلكترونية كم من طبيب مزيف تم سجنه في السنوات الأخيرة وكم من حراس أمن عاملين بالمستشفيات اقتيدوا إلى السجن بسبب انتحال صفة طبيب.

يجب أن لا نسكت عن هذه الخروقات التي يجرمها ويعاقب عليها القانون، وإلا فسنعيش في زمن السيبة جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى