بعدما كانت حكرا على الشباب العاطل.. وجهاء الجزائر يرتمون في أحضان الهجرة السرية للهروب من الآفاق المظلمة بالبلاد

فضيحة ما بعدها فضيحة تلك التي أوصل إليها نظام العسكر الجزائريين. فبعدما كانت الهجرة السرية وقوارب الموت حكرا على الشباب العاطل، هاهم اليوم وجهاء البلاد يخوضون التجربة بدورهم للانعتاق من الآفاق المسدودة بالجزائر.
منسوب اليأس بلغ مداه بالجزائر حد إقدام النخبة السياسية وعلية القوم بالبلاد على خوض مغامرة ركوب قوارب الموت للوصول إلى الضفة الشمالية، ولو كلفهم الأمر حياتهم. تجري كل هذه المهازل الإنسانية في وقت تلطخت فيه صورة وسمعة البلاد إثر ارتفاع منسوب الفساد والصراعات بين أجنحة الدولة، ما كرس أفقا ضبابيا لدى الجزائريين.
بشكل غير مسبوق، وردت أنباء بحر هذا الأسبوع عن قيام خفر السواحل باعتقال القاضية الجزائرية سلمى بدري عضو محكمة الشلف غرب العاصمة أثناء محاولتها الهجرة على متن قارب صغير وفي جعبتها حوالي ثلاثة ملايين يورو. تقارير مسربة صنفت الواقعة بـ “قضية فساد”، لكن لم يصدر إلى حدود كتابة هذه السطور، أي بيان رسمي من المعنية بالأمر أو من السلطات بشأن ذلك.
القاضية بدري لم تكن حالة استثنائية أو معزولة في الجزائر، بحيث أصبحت الأوضاع المزرية في البلاد تغري الكثيرين ممن يتمتعون بمكانة اقتصادية واجتماعية في البلاد، إلى اختيار الهجرة السرية بحثا عن مستقبل أفضل ووطن ديمقراطي بعيدا عن قبضة العسكر الجاثم على نفوس الشعب الجزائري.
وفي هذا الصدد، أثبتت الإحصائيات الرسمية أن الحراك الجزائري ساهم بشكل ملحوظ في خفض وثيرة الهجرة السرية في البلاد، كون الشباب الجزائري عَقَدَ عليه أمالا كبيرة لتغيير الأوضاع والتمكن من العيش في وطنهم طالما تمنوه. لكن أمالاهم تفتت على صخرة الواقع المعاش، حيث لم يحقق الحراك الشعبي نتائجه المنشودة. وبالتالي، عاودت أرقام الهجرة السرية بالجزائر الارتفاع إلى سابق عهدها وأكثر.
واستنادا لما كشفت عنه وسائل الإعلام الإسبانية، فقد اشتدت وتيرة تدفقات الهجرة غير الشرعية في الأشهر الأخيرة انطلاقا من الجزائر بسبب الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، واستقبل الساحل الجنوبي الإسباني أزيد من 2000 شاب جزائري، ما يطرح علامات استفهام حول حقيقة الأوضاع الاجتماعية في البلاد ولماذا يتعنت قصر المرادية في التكتم عليها بتسويق الوهم للشعب الجزائري ومعه الرأي العام الدولي؟؟.