الرئاسيات السنغالية.. مدخل المعطي منجب لمحاصرة المغرب بمطلب “أطلقوا سراح الخونة والمغتصبين”
سِلَالُ البيض قد أُفْرِغَتْ عن آخرها فلم يعد فيها المزيد من البيض للتراشق به والجيوب قد نفذت منها آخر الملاليم (السنتيمات)، أما أحصنة لعبة الشطرنج فقد تهاوت إلى الهامش وتركت الفيل يضرب الأخماس في الأسداس داخل رقعة اللعبة لأنه لاعب ضعيف، وإن حاول تمويه الخلائق ﺑامتلاكه “كسدة” مهيبة إلا أنها لم تسعفه في استلاب العقول.
الصورة المجازية المعبر عنها أعلاه هي محاكاة دقيقة لما نشهده من عنتريات وتعنت مجموعة من الأصوات النشاز التي تنسب لنفسها حراسة معبد حقوق الإنسان بالمغرب وتفتخر بكونها جعلت لتوجهاتها امتدادات متشعبة خارج أرض الوطن، وهو ما أسقطها بكل يسر في مستنقع التواطؤ مع “البراني” التواق لبسط نظرية العالم الثالث المتهالك حقوقيا. غير أن يد الأجنبي التي امتدت إلينا عبر وسطائه الخونة لم تجد حرجا أو حتى عيبا في مدهم بالأموال الطائلة وهي المدرجة، في اعتبارنا، في حكم الرشوة المبطنة لرفع تقارير متحاملة عن الوضع الحقوقي بالبلاد.
المعطي منجب كبيرهم الذي علمهم حرفة الوقوف على عتبة الجهات الأجنبية “الحقوقية”، تراجعت، ومنذ مدة غير يسيرة، نشاطاته في هذا الاتجاه، حتى قلنا أن الرجل إما خانته العافية أو نفضته الجهات إياها أو حتما أيقن أن “الجوكر” أبناء عشيرته الحقوقية القابعين بالسجن حاليا قد احترق وعليه شحذ الهمم من جديد في سبيل البحث عن وجهة جديدة يجابه بها المغرب.
ومن هذا المنطلق، طالعتنا تدوينة نشرها المعني بالأمر، أمس الأحد، على منصة الفايسبوك بخصوص نتائج الانتخابات الرئاسية بدولة السنغال. للوهلة الأولى، تبدو السطور عبارة عن تهنئة وافتخار بفسح المجال أمام الشباب للوصول إلى سدة الحكم بالبلاد، وهو ما تحقق فعلا بفوز الرئيس الشاب بصيرو ديوماي فاي. غير أن المعطي منجب وكعادته أَلِفَ دس السم في العسل وهو ينخرط في عقد مقارنات لا تستقيم بين المغرب والسنغال كنظامين سياسيين، الأول ملكي والثاني جمهوري.
وإن كان ولابد أن نجاري “مول الجيب” في طرحه الرامي إلى كون دولة السنغال “هربانة” في الديمقراطية وأنها مكنت مرشحيها المساجين سابقا من خوض غمار الرئاسيات، فهذا ليس بمعطى جديد في كافة الأنظمة. السجن لا يسقط عن المرء حقه في ولوج السياسة والترشح لما لا للاستحقاقات الرئاسية شريطة أن يستوفي المرشح جملة من المعايير، في مقدمتها برنامج واضح وواعد وحنكة سياسية تعينه على العمل والتغيير الإيجابي من داخل المؤسسات.
وعلى طريقته في تعداد فضائل السنغال على أبنائها، نقول للسي المعطي منجب أن المغرب وكغيره من دول المعمور يمد يده للكفاءات الوطنية وفي شتى المجالات، وحتى من قضوا عقوبات سجنية تفاوتت في خطورتها من معتقل إلى آخر. ونذكر منهم السيد محمد صالح التامك الذي عين مندوبا عاما لإدارة السجون وإعادة الإدماج عام 2013، وقد كان ضمن المعتقلين الصحراويين بسجن سيدي سعيد بمكناس وتدرج في عدة مناصب في السلطة والدبلوماسية، كعامل على إقليم شيشاوة سنة 1998 قبل أن يعين سفيرا للمغرب بالنرويج سنة 2003، ليعود سنتين بعد ذلك إلى مسقط رأسه بالأقاليم الجنوبية واليا على جهة واد الذهب لكويرة وعامل إقليم وادي الذهب سنة 2005، وواليا مديرا للتعاون الوطني بوزارة الداخلية 2009، كما عين بعد ذلك واليا مديرا لديوان وزير الداخلية منذ سنة 2010 إلى حدود تعيينه على رأس مديرية السجون عام 2013.
فضلا عن الناشط والمعتقل الحقوقي الراحل إدريس بنزكري، الذي دعاه الملك محمد السادس عام 2004 إلى قيادة هيئة حقوقية اختير لها من الأسماء “هيئة الإنصاف والمصالحة” هدفها الأساس معالجة ملفات حقوق الإنسان ومصالحة المغاربة مع تاريخهم عبر تسوية ما شابها من تجاوزات أو اختلالات. ثم الطبيب ووزير الصحة ورئيس مجلس المستشارين والعضو المؤسس للبوليساريو سابقا الشيخ محمد بيد الله الذي سرعان ما تفتق وعيه الوطني حينما تنقل بين تندوف ومختلف مدن المملكة وهو طالب آنذاك يشق طريقه بثبات وصبر بعيدا عن دعاة الطرح الانفصالي.
كثيرة هي الأمثلة على مسارات مهنية مشرقة حصدها معتقلين سياسيين سابقين بالمغرب، إلا أنها لا ولن تنسينا حتمية “اللي حصل يودي” بما تقتضيه النصوص القانونية المعدة لترتيب الجزاءات وتمكين المظاليم من حقوقهم. وهو التوجه الصارم الذي لا يتماشى وطرح كبير العشيرة الحقوقية لأنه يريد من الوطن أن يطلق سراح المغتصبين ويمكنهم من المناصب العليا عرفانا بما قدموه للمجتمع من ثقافة “الجنس والخيانة مقابل العمل”.