نظام الحكم في اسبانيا يقبل يد المغرب الممدودة.. ونظام التحكم في الجزائر يرفضها وبشدة.. فلماذا كل هذا الغل من الجارة !

تسائل العديد من المراقبين والمتابعين للأزمة بين المغرب والجزائر حول السبب الحقيقي الذي يجعل الجزائر ترفض يد المغرب الممدودة، رغم القواسم المشتركة منها اللغوية والثقافية والتاريخية والدينية، بينما الجارة الشمالية (اسبانيا)، التقطت يد المغرب بدون تردد، خاصة بعد الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب.
وفي ذات الإطار، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إنه لا مجال للمقارنة بين الجزائر وإسبانيا، لأن الجار الأول “يحكمه مجموعة من العسكريين الحمقى الذين لا زالوا يعيشون في حقبة الستينيات، والجار الثاني عاقل”، مضيفاً أن “كل التوقعات كانت تشير إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية ستعود لطبيعتها لأن الأمر يتعلق بأزمة عابرة”.
وأضاف اسليمي في تصريح صحفي، أن إسبانيا “دولة لها تاريخ وقرون من الماضي في التعامل مع الدولة-الأمة كالمغرب، بينما الجزائر دولة عسكرية صنعتها فرنسا بمرسوم وهي العقدة التي تلازمها منذ ولادتها”، مضيفا: “كان من الطبيعي لأسباب تاريخية وحسابات مصالح استراتيجية وسياسية واقتصادية أن تلتقط إسبانيا بسرعة الإشارة المغربية بتجاوز الأزمة ودفع العلاقات نحو مستقبل أفضل من قبل”.
وفي ذات السياق، قال اسليمي: “لاحظنا كيف أعاد كابرانات الجزائر 58 سنة إلى الوراء، للبحث عن مبررات واهية لاتهام المغرب وقطع العلاقات الدبلوماسية معه”، مسترسلاً: “إسبانيا جار عاقل يشتغل بمقاربة الاختيار العقلاني والمصالح في العلاقات الثنائية مع المغرب، بينما اختار النظام العسكري القطيعة دون الانتباه إلى أنه لعب آخر ورقة قبل بداية احتراقه في قتال داخلي بين العسكريين والشعب المطالب بدولة مدنية”.
وأردف ذات المتحدث قائلا: “يبدو أن حكام الجزائر توفيق مدين وخالد نزار وشنقريحة، والناطق باسمهم رمطان لعمامرة، وصلوا بالنظام العسكري إلى نهايته، ولعب ورقة العداء المباشر للمغرب وهي مؤشر على أن النظام العسكري الجزائري، حرق آخر ورقة كان يستعملها لاحتواء الأزمة الداخلية، ويبدو بوضوح أن لعمامرة وهو يتلو بيان العسكر ضد المغرب لم يستطع إقناع حتى صحافته التي ذهبت تسأل عن مالي وتونس والساحل، فكيف له أن يقنع الجزائريين الذين يستعدون للعودة الى الحراك؟”.
من جانبه، أبرز محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك فرقا كبيراً بين “نظام الحكم في إسبانيا، ونظام التحكم في الجزائر”، موضحاً أن “النظام الذي يدير شؤون الإسبان يقوم على مبادئ ديمقراطية في تدبير شؤون المواطنين الإسبان، وعلى المقاربة بالنتيجة في تقييم تدخلاتهم، مما يعكس تشبع الحكومة الإسبانية بحس براغماتي نفعي في قياس وتقدير الأمور أي منطق رابح رابح”.
وأضاف الغالي، في تصريح صحفي: “بينما الحكم في الجزائر يلعب فيه العسكر محور التحكم ولا يدخل في حسابات عقيدته السياسية قياس الأمور بمنطق براغماتي، بل إن عقيدته تقوم على ردود الأفعال وإثبات الذات كسلوك محدد في قياس الأمور وتقديرها، مما يحبس منطق التفكير فيما هو قصير المدى”.
وأوضح ذات المتحدث، أن “المملكة المغربية من خلال سياق حديثنا تعاملت بمنطق راعى ما يؤطر المدى المتوسط والبعيد، لتحقيق آمال الشعوب التي تجمع بينها روابط الجيران، فالدعوة المغربية استوعبها من يعي جيدا مصالحه الاستراتيجية من خلال خير الجميع وليس العكس”.