الأمن مجرد إشاعة في الجزائر: “حراق” وهراني يطيح بالمدير العام للأمن الوطني ذي السجل المهني المشبوه (عبدو السمار)

يبدو أن الفساد وانعدام الكفاءة المهنية يستشري داخل مختلف المؤسسات الوطنية، كيف لا وشاب من ولاية وهران مهووس بحلم معانقة أوروبا عبر بوابة الهجرة السرية، استطاع في غفلة من رجال الأمن المنتشرين كالفطريات في مختلف نقاط مطار وهران الدولي، فضلا عن الأطقم العاملة بشركة الخطوط الجوية الجزائرية، (استطاع) المعني بالأمر تجاوز كل هاته العقبات بِسُيرْ إلى أن ولج غرفة انطواء نظام العجلات بالطائرة واستقر داخلها إلى حين وصول الرحلة إلى وجهتها مطار أورلي بباريس، ليتفاجأ العاملون هناك بوجود الشاب الجزائري مهدي رحماني وهو يعاني من انخفاض شديد في درجات الحرارة بلغت -50 درجة.

الفضيحة المدوية التي تعود تفاصيلها إلى أواخر السنة المنصرمة، يوم الخميس 28 دجنبر تحديدا، خلقت زوبعة داخل الأوساط الأمنية بالجزائر، لاسيما بأروقة قصر المرادية حيث عبد المجيد تبون يضرب الأخماس في الأسداس لفك شيفرة الحادثة عبر تحديد كافة المتسببين فيها، وهو ما ترجمه بأوامر أصدرها للمدير العام للأمن الداخلي بضرورة فتح تحقيق معمق.

وبعد الإفراج عن نتائج التحقيق المعمق لرجال الاستخبارات الجزائرية، اتضح ضلوع عشر متهمين في الواقعة يتوزعون بين ضباط وأعوان الشرطة العاملين بالمطار وميكانيكي تابع لشركة الخطوط الجوية الجزائرية المملوكة للدولة، وُجِّهَتْ لهم تهم من قبيل ارتكاب فعل غير عمدي من شأنه تعريض حياة ركاب الطائرة للخطر وارتكاب عمل يعرض أمن الطائرة للخطر كذلك.

وتعليقا على الحادث وما يحمله من تهديدات خطيرة في طياته، أوضح المعارض الجزائري عبدو السمار، أن هكذا وقائع تؤكد بالملموس أن البلاد مفتوحة على مصراعيها على سيناريوهات تخريبية، على غرار الإرهاب وما يرافقه من جرائم صناعة الموت. فكيف لعقل أن يستوعب كيف انطلت حيلة شاب قليل الحيلة على مجمل رجال الأمن المرابطين بالمطار وتسلل بسهولة إلى حجرة معدات الهبوط بالطائرة ومكث فيها لما يوازي الساعتين، أي عمر الرحلة الرابطة بين مطاري وهران الدولي وأورلي ضواحي باريس؟؟.

ومن هذا المنطلق، يستطرد ذات المتحدث، فقد تم تحميل كامل المسؤولية لفريد زين الدين بنشيخ، باعتباره كبير أمنيي البلاد وتمت معاقبته بعدما أبان عن فشل ذريع في إدارة إحدى أكثر المؤسسات الأمنية حساسية بالجزائر. بل وعلى عهده، يضيف الصحافي الجزائري عبدو السمار، أضحت المطارات الجزائرية مرتعا خصبا لحوادث مماثلة، حيث سجلت ثلاث تسللات في الفترة الممتدة من مارس 2022 إلى غاية دجنبر 2023 تمكن خلالها “حراقة” من ولوج حجرات طائرات تابعة للخطوط الجزائرية المنتشرة على مدرجات مطارات كل من الجزائر العاصمة ووهران ثم قسطنطينة، وهي الوقائع التي تُسَاءِلُ في العمق مدى فعالية التدابير الأمنية التي تتخذها شرطة الحدود الجزائرية، إن وُجِدَتْ أصلا تدابير لأن “الحراقة” المتوالين كشفوا بالملموس أن الأمن بالجزائر مجرد إشاعة.

ولتغطية الشمس بالغربال، يستطرد ذات المصدر، سارع قصر المرادية إلى التأشير على إقالة فريد زين الدين بنشيخ، المدير العام للأمن الوطني وإقامة مراسيم تنصيب علي بداوي خلفا له اليوم الاثنين وبإشراف من إبراهيم مراد، وزير الداخلية والجماعات المحلية. فبعدما ظل في مرمى النيران لعدة أشهر، هاهو نجم بنشيخ يَأْفُل باعتباره أكثر مسؤولي الجزائر فسادا حاليا، تورط في جملة من التحويلات غير المشروعة للعملة الأجنبية والثراء غير المشروع والتحوز على إقامة فرنسية واستثمارات خاصة في قطاعات الفنادق والحانات والمطاعم، فضلا عن وضع يده مع مؤسسات أمنية حساسة بفرنسا، ما يطرح تساؤلات حول جريمة العمالة وما شابه. بل أكثر من ذلك، فقد عمد رئيس الشرطة الجزائرية سابقا، في بداية مساره، إلى إبرام عقد زواج صوري مقابل تجديد تصريح إقامته الدائمة على التراب الفرنسي.

وفي المحصلة، يشير عبدو السمار، رغم جسامة الأفعال الإجرامية التي تورط فيها كبير أمنيي الجزائر وكشف عنها السنة الفارطة عبر موقعه Algérie Part، إلا أن الرئاسة الجزائرية استمرت في تعنتها ولم تحاول زحزحته من منصبه أو حتى تقفي آثار مسؤولها الأمني إلى أن طفت على السطح فضيحة “حراق وهران” والتي كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس وفضحت عصابة العسكر وكوادرها الفاسدين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى