زكرياء مومني/علي لمرابط: من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه (كاريكاتير)

أيام الدراسة واللوح والطبشور وما جاور ذلك من آليات يتسلح بها المعلم لشرح الدرس لتلاميذه، كان منهم من تعوزهم ملكة الاستيعاب فيتأبطون يوم الاستحقاق (أي الامتحانات)، مقولة هزلية ولكنها عميقة في معناها تفيد الآتي: “من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه”. ولحسن حظهم أو لنقل بمحض الصدفة، كان بعضهم ينجح في مراوغة المعلم وينال مراده من عملية “النقيل” فيتحصل على نقط مقبولة أو حتى جيدة أحيانا.

لكن العملية تبقى برمتها غباء مبين يتكرس مع كل امتحان، كون من يُقْبِلُونَ عليها لا يحصدون غير النقط، وينتقلون إلى مستويات دراسية أخرى بجماجم فارغة لم تسعفها سنوات الدراسة الطوال على اكتساب الكفايات العلمية اللازمة لبناء إنسان يفكر ويتدبر.

ونحن نعود أدراجنا إلى مقاعد الدراسة وما انطوت عليه من هكذا ممارسات، طفى على السطح اسم أحدهم يتبنى هذا التوجه كفلسفة حياة تضمن له قوته اليومي. إنه الهارب من العدالة المغربية زكرياء مومني، المتواري خلف شاشة الحاسوب وهو يخوض بلا هوادة وبانخراط أعمى بل ولامشروط في كل ما يتفوه به لسان معلمه “لمرا-bête”، إما افتقارا منه لآليات قراءة وتحليل الأحداث والوقائع أو لسيطرة مبطنة يمارسها عليه علي لمرابط من باب “وجاهتي وخبرتي بين يديك فلتغترف منها حد الاكتفاء”. وفي كلا الحالتين الرجل يمارس الأستاذية المزعومة على منهم أضعف منه حتى ينسجم نفسيا مع ما يعتقده عن نفسه وما يعتقده الآخرون عنه.

وهكذا، ما لبث أن وُرِيَ جثمانه الثرى، حتى نَصَّبَتْ  جوقة المناوئين لوطنهم استوديوهات تحليلية وكأننا في عرس كروي، انكبت من خلالها على تحليل واقعة وفاة الطبيب العسكري مراد الصغير بمدينة طنجة، بشكل يتماشى والطرح المعهود “يد المخزن تماك”. فاكتسى المصاب الجلل الذي لا راد لقضائه فيه بعد ذاك هالة بوليسية، ارتدى فيها كبيرهم الذي علمهم السحر علي لمرابط جبة المحقق البوليسي والصحافي بل وحتى ربط اتصالات مزعومة مع مختصين في الطب الشرعي بإسبانيا لإثبات أن وفاة المعني بالأمر كانت غير طبيعية. أكثر من هذا، تطاول لمرابط على أحقية عائلة الفقيد، في شخص أخيه غير الشقيق في الخروج لتوضيح ملابسات الوفاة وما سبقها وتلاها من تطورات أفقدت ذويه حقهم في الحزن عليه في أجواء هادئة دون مزايدات مجانية.

ولأن علاقة المعلم بالمتعلم تكتسي نوعا من التقديس الأعمى والثقة المفرطة والعياذ بالله، فإن زكرياء مومني الفاقد للبوصلة قد انخرط بدوره في الترويج بإخلاص وتفاني إلى كل ما يروج في مخيلة علي لمرابط ويتفوه به لسانه، مفسحا له المجال بأن يفكر ويَتَدَبَّرَ نيابة عنه. والنتيجة كانت أن أطل علينا مومني في آخر فيديو له على منصة اليوتيوب يعيد ويكرر خطاب الصوحافي الاستقصائي بشأن وفاة الطبيب العسكري مراد الصغير. بل تعدت المسألة قدسية العلاقة وبلغت حد تبني زكرياء مومني كلمات وأسلوب لمرابط في الحديث وتوصيل بنات أفكاره.

وفي الختام، لا نملك إلا أن نرتجي العلي القدير أن ينعم على زكرياء مومني بالانعتاق والحرية من مخالب علي لمرابط. فما أقساه أن يرتهن المرء عقله وأذنيه إلى الغير اعتقادا منه أنه يبلي البلاء الحسن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى