هشام جيراندو.. شذرات من سيرة ذاتية تتأرجح بين النصب وعقدة “الخواجة” (كاريكاتير)

“فاكهة البيت مُرة”، هكذا ينظر عُباد الأجنبي إلى ما هو محلي ووطني. انبهارهم بالآخر ينبع من عقدة متأصلة في النفوس تسمى “عقدة الخواجة”، تدفع بالمرء إلى اتخاذ “الخواجة” مرجعا في شتى مناحي الحياة. وبالتالي السعي إلى محاكاة حياته وإسقاط تفاصيلها على حياة يراها “شقية” لا تُطربه لقناعته الراسخة بأن الأجنبي-الغريب يملك مفاتيح خزائن الحضارة والديمقراطية، وهلم جرا من الاستيهامات التي تتفتت على صخرة الواقع مجرد أن تطأ قدم المنبهرين به أرضه.
لا حاجة، طبعا، لأن نذكر أنفسنا ونذكركم بفحوى الحوار الذي دار، أمس الأربعاء، بين حميد “الهضراوي” ومحمد جيراندو، الشقيق الأكبر لنصاب كندا هشام جيراندو، ثم ابنة أخته هبة الطاهري. لكن، ثمة تفاصيل صغيرة هي في الحقيقة كبيرة باعتبارها أضواء كاشفة لعتمة شخصية اجتمع فيها ما تفرق في غيرها من المتناقضات. تارة ينتظر منا أن نرفع له القبعة لأنه يرى في نفسه “ولي الله” والعياذ بالله الذي أنزله بأرض المغرب لتطهيرها من فساد مفترض، وطورا لا ينتظر منا أن تتفتح أعيننا عن فساده العابر للقارات والمخترق لسكينة الأسر وخصوصياتهم.
وبنبرة ملأها التحسر وغصة في الحلق، أفاد محمد جيراندو أنه وبمعية شقيقه والعائلة جمعاء، عانوا لفترة من ضائقة اجتماعية ألمت بالأسرة في شخص الأب. الأزمة أرخت بظلالها على أحوال هشام وجاءت لتضاعف شعوره بالعجز وفشله في إتمام تعليمه الجامعي. هنا، واستيعابا منا لما قيل بين سطور اللقاء، سيدخل بطل الرواية في جملة من الأنشطة المشبوهة إلى أن استطاع الفرار صوب دولة كندا واستقر هنالك، حيث شهد على الوجه الحقيقي للأجنبي المنبهر به لا محالة، ثم تقاذفته الأيام إلى أن أتم ال15 سنة مهاجرا ببلاد الصقيع وفي جيبه جواز سفر كندي.
المُنجز الذي بصم عليه هشام جيراندو “الكندي”، وفق تصوراته للحياة، كان كفيلا بأن يُزيل عن صدره عبئ نفسية انهزامية تفننت عقدة الأجنبي المتفوق في بثها بمخيلته، واستطاع هو أن يقطع حبالها الأثيرية عندما “قطع لبحور” وعاش جنبا إلى جنب وبندية مع أخيه الكندي.
غير أن الإنسان وميله الدائم إلى البحث عن المنغصات أو حتى اختلاقها إن لم توجد من الأساس، جعل “فاكهة الأجنبي مرة” هي الأخرى في حلق هشام جيراندو. وبدل استشراف المستقبل كمهاجر محترم يقع على عاتقه تمثيل وطنه الأم خير تمثيل بالديار الكندية، ارتأى الرجل أن يغوص في عوالم الجريمة الالكترونية برعاية ممولين يعادون المصالح العليا للمغرب. ومن تم، تحول خديم الكابرانات الوفي من مهاجر يطالب بالعدالة الاجتماعية إلى منشق يطالب بالانقلاب والتأمر ضد الوطن ومسؤوليه الشرفاء.
وفي المحصلة، ماذا جنى راعي الفتن؟؟ شتات أسري ألزمه ملازمة مستقره بكندا، بحيث لم يدخل أرض الوطن ولا صال رحمه منذ ال15 سنة، بحسب إفادة أخيه محمد. وكما لا يخفى على الجميع، في ظل العزلة القاتلة والباردة، تتفتق الأفكار الجهنمية ويصير الإنسان حليفا للشيطان دون أن يرف له جفن.
لقد عصفت خيانة هشام جيراندو لوطنه بأسرته في المغرب وأدخلتهم في دوامة “سين وجيم” مستغلا في الأمر حُنُوْ الأسرة على أبنائها ظالمين أو مظلومين، متأكدا أنهم لن يرفضوا له طلبا وإن كان خارج عن القانون والشرعية. أو أن الأخير اشترى تعاونهم بالمال وتقديم يد العون، كما فعل مع ابن أخته عبد الرحيم الطاهري الذي استقدمه إلى كندا لمتابعة دراسته ثم استغله في توضيب مقاطع فيديوهات تشهيرية.
أما بشأن ملاك الطاهري، وكل من يُشهر هاشتاغ “كلنا_ملاك” في وجه النيابة العامة للضغط عليها “شعبيا”، نقول أن الطفلة توجد في مأمن وبعيدة عن يد أسرة جعلتها لقمة سائغة في فم خال لم يُقم وزنا لقرابة الدم. ونحن اليوم وغدا وأبد الدهر سنقول “كلنا_المغرب”.