الانضمام إلى مجموعة البريكس.. الملف الجزائري في مهب الريح والكابرانات يتمسكون بأهداب مؤامرة مغربية-إماراتية وهمية

كأي دولة تحترم نفسها وذكاء شعبها والعالم، من المفروض أن تطرح الجزائر مؤشرات اقتصادية حقيقية للنقاش لتبيان نقط قوتها الاقتصادية ورصد مكامن الضعف في أفق معالجتها، وبالتالي تحسين أدائها وما يرافق ذلك من انعكاسات إيجابية على عيش المواطن الجزائري. لكن محاولة ولوج مجموعة البريكس الاقتصادية برهنت بالملموس أن نظام الكابرانات على استعداد لتزوير المؤشرات والماضي والحاضر للظفر بعضوية المنظمة المذكورة، وهي الحيلة التي لم تنطلي على قادة البريكس لأنهم أخضعوا ملف الجزائر للدراسة والتمحيص، وتبين لهم في نهاية المطاف أن البلاد أبعد ما تكون متوفرة على اقتصاد متنوع أو ذي تنافسية.

وبشكل أدق، أفردت أسبوعية “الأسبوع الصحفي” ملفا خاصا لفشل النظام الجزائري في الظفر بمقعد داخل منظمة البريكس، مشيرة إلى أن الإفراج عن أسماء الدول المنتقاة دفع النظام الجزائري ممثلا في وزير ماليته عزيز فايد للتعليق، حصرا، عن نجاح ست دول وهي على التوالي، السعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران والأرجنتين، دون أن يهمس بكلمة بخصوص عوامل فشل بلاده في ولوج المجموعة الاقتصادية. ولعل في التصرف تفادي كبير للإحراج الذي سببه الرئيس عبد المجيد تبون وهو يتبجح أمام أبواق إعلامه الموالي، بكون الجزائر قوة ضاربة ولها ثقلها الاقتصادي القادر على ضخ ما يوازي 1.5 مليار دولار كمساهمة في بنك البريكس.

وحتى عندما اصطف إلى جانب بلاده للدفاع عن إمكانياتها، اكتفى وزير الاقتصاد الجزائري بترديد أسطوانة النمو التصاعدي الذي تعرفه البلاد بفضل اقتصادها المتنوع فيما يشبه التحضير المبكر لانضمام لاحق ممزوج بمنطق “لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”. وأما عن الجانب الواقعي المبني على الأرقام والمؤشرات الحقيقية، فقد صَرَّحَ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الحليف الكلاسيكي للعسكر، عقب الإعلان عن أسماء الدول المنتقاة، أن معايير المجموعة ترتكز أساسا على حجم وهيبة الدولة وكذا متانة مواقفها على الساحة الدولية، وهي الشروط التي تنعدم في الجزائر وبشهادة أبنائها العارفين بخبايا بلدهم الأم.

مرارة الرفض ترفع من منسوب خيبة الأمل داخل الجزائر

من الطبيعي جدا أن تسود خيبة الأمل وحتى الغضب داخل البلاد، بعدما غَرَّرَ النظام الجزائري بشعبه وباعه وهم مجابهة دول قوية اقتصاديا، عبر محاولة حجز مقعد إلى جانبها داخل مجموعة البريكس. وهو التصرف الذي ينم عن عدم نضج سياسي تورط فيه ساكن قصر المرادية، وهو يستعرض الإمكانيات الوهمية التي تتوفر عليها البلاد. فضلا عن هذا، فإن الزيارتين التي أجراهما الرئيس عبد المجيد تبون شهري يونيو ويوليوز، إلى كل من الصين وروسيا، على اعتبارهما كبرى دول مجموعة البريكس، لها مغزى واحد بالنسبة لنظام الكابرانات وهي أخد موافقة مبدئية وشفهية على انضمام بلاده إلى هذا التحالف الاقتصادي. وهنا كانت السقطة مدوية على قدر إعلاء سقف التوقعات، وكأن منطق شراء الذمم بعائدات البتروغاز قد تُفْضي إلى تحريك الهيئات الدولية بأصبع من النظام الجزائري. ناهيك عن الاعتماد جزئيا على جنوب إفريقيا المعادية للمصالح العليا للمغرب وتوظيفها لضمان حضور جبهة البوليساريو الوهمية خلال أحد الاجتماعات الهامشية لمنظمة البريكس، في وقت لا تملك فيه الجزائر أي صفة للحضور، بل حتى وقت إعلان نتائج انتقاء ترشيحات الدول لم تتوصل القيادة الجزائرية بإخبار رسمي في الموضوع، حيث اطلعت على الأمر خلال أطوار الاجتماع ذاته.

مجموعة البريكس تغلق بابها في وجه الجزائر والكابرانات يفتحون النار من جديد على المغرب

من العَصِيْ على الفهم حقا كيف يُسْقطُ النظام الجزائري فشله المتعدد الأبعاد والمجالات على المغرب، إذ عوض الانخراط في مراجعة فكرية كفيلة برصد مكامن الخلل للاشتغال عليه، في أفق تقوية جبهته الداخلية التي تراهن عليها المنظمات الاقتصادية الدولية، أمثال مجموعة البريكس، فقد وجدت القيادة الجزائرية ضالتها في رمي جمرة الفشل في حِجْرْ المملكة، عبر وسمها بالتحالف الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. بل بلغت تصورات الكابرانات حول عداء المغرب لهم حد نشوء تحالف مغربي- إماراتي للوقوف حجر عثرة في طريق الجزائر. وهي الرواية الوهمية التي تبنتها أبواق قصر المرادية حينما روجت لكون أبوظبي تدفع في تجاه اندلاع حرب بين المغرب والجزائر من خلال تحركات مشبوهة للملحق العسكري للسفارة الإماراتية بالجزائر وأن أبوظبي ستوظف كافة إمكانياتها لنصرة الرباط إذا ما نشبت هذه الحرب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى