وثائقي “يورانيوم الغضب”… هكذا استنزفت فرنسا خيرات النيجر ودمرت صحة شعبها (فيديو)

إن ما تعيشه فرنسا في الآونة الأخيرة من تراجع لنفوذها في إفريقيا بعد طردها بشكل مذل من مستعمراتها، إنما هو نتاج طبيعي لما زرعته منذ عقود من الزمن، حيث كانت تبني ازدهارها على أنقاض شعوب أخرى.
النيجر كانت إحدى ضحايا نظام الرعب الذي أسسته فرنسا في إفريقيا وأسست لاستمراره عسكريا، من خلال “اتفاقيات” فرضتها على مستعمراتها السابقة، واقتصاديا من خلال ربطها بعملة استعمارية تدر الملايير سنويا على الخزانة الفرنسية، وأيضا من خلال فرض “فرنسة” التعليم وصنع نخبة إفريقية مرتبطة بفرنسا.
النيجر، هي من الدول العشر الأولى إنتاجا لليورانيوم في العالم، لكنها من أفقر الشعوب، لأنه ببساطة عائدات اليورانيوم في النيجر، لا تذهب إلى شعبها بل إلى خزائن باريس.
لكن المشكل أكبر بكثير من نهب خيرات شعب النيجر. بل المشكل يتعلق بمخلفات استغلال فرنسا لليورانيوم وما سببه من أمراض خطيرة ومزمنة لأفراد الشعب، لأن إنتاج الطاقة النووية، يتطلب نشاطا من نوع آخر، من خلال عملية تنقيب واستخراج تكون نتائجها، “على عكس مسمى الاستخدام السلمي للطاقة النووية”، مدمرة وقاتلة.
استخراج اليورانيوم له نتائج قاتلة وكارثية على السكان المقيمين بجوار المناجم ونتائج كارثية على البيئة تدوم لآلاف السنين.
وهذا بالضبط ما يحدث في النيجر، بحسب تقارير ودراسات لعدد من المنظمات، حيث بدأت الشركة الفرنسية Orano نشاطها في التنقيب واستخراج اليورانيوم شمال النيجر، منذ أكثر من 40 سنة مضت، مقدمة عملها هذا كـ”عملية إنقاذ اقتصادي” و”مساعدة فرنسية” لشعب فقير، غير أن نشاطات الشركة الفرنسية ستكون في الواقع، آلة تدمير حقيقية للبلد.
عمليات التفجير والألغام وطرق استخراج اليورانيوم، ستحول سماء البلد إلى سحب مكثفة من الغبار، وستحول الأرض إلى مفرغ نفايات حقيقي، حيث إزاحة ملايين الأطنان من التربة والصخور، أثر بشكل مقلق على مصادر المياه الجوفية؛ كما تزايد الخوف من عدم الاهتمام بطرق استخراج اليورانيوم، وإمكانية تسبب ذلك في انتشار مواد مشعة في الجو، والتسرب إلى المياه الجوفية، وثلوث التربة، إضافة إلى الأمراض القاتلة التي يمكن أن تلحق بالبشر.
وفي هذا الصدد، أجرى الصحفي الاستقصائي مارتن بودوت تحقيقًا في تعدين وتحويل اليورانيوم في عامي 2020 و 2021، بث على قناة فرانس 5.
ويستنكر هذا الفيلم الوثائقي لمارتن بودوت، الذي يحمل عنوان “يورانيوم الغضب” التأثيرات الإشعاعية لأنشطة استخراج اليورانيوم وتحويله من خلال موقعين: مناجم اليورانيوم التي تديرها فروع ORANO في Arlit في النيجر، ومصنع Orano لتحويل اليورانيوم في Malvesi بالقرب من Narbonne في فرنسا.
ذهب الصحفي مارتن بودوت إلى هناك بعدة عدادات لقياس مستوى النشاط الإشعاعي في شوارع المدينة. وهناك مستويات من النشاط الإشعاعي في بعض الأحيان أعلى بمرتين أو ثلاث أو أربع مرات من تلك الموجودة في تشيرنوبيل، حتى داخل المنازل.
وما هذه إلا نبذة بسيطة من الدمار الذي زرعته فرنسا في النيجر وباقي البلدان الإفريقية، ها هي اليوم تحصد نتائجه.