بعد انقلاب النيجر.. سياسة فرنسا في الساحل الإفريقي تعيش آخر أيامها (كاريـكاتير)

يبدو أن فرنسا تعيش آخر لحظاتها في منطقة الساحل الإفريقي و ذلك بعد الانقلاب الأخير الذي عرفته دولة النيجر و إعلان المجلس العسكري الاستيلاء على السلطة و عزل الرئيس محمد بازوم، هذا الأخير الذي كان يشكل حليفا قويا للدول الغربية في معركته ضد التطرف، و كذلك كان شريكا اقتصاديا قويا.

و في ظل هذه المستجدات التي عرفتها الساحة السياسية بهذا البلد الإفريقي، فإن الضرر سيطال حتما حلفاء الرئيس السابق و على رأسها فرنسا التي أكد رئيسها إيمانويل ماكرون غير ما مرة أنها ستظل منخرطة في مواجهة المسلحين في منطقة الساحل “حتى يكتمل النصر”.

و أشار موقع “لوبوان” أنّ فرنسا تدفع ثمن “فشلها” في اتخاذ القرار الحاسم بالتقاعد مرفوعة الرأس عندما حان الوقت، بعد نجاح عملية “سيرفال” في عام 2013 التي حرّر خلالها الجيش الفرنسي، مدن شمال مالي التي وقعت تحت نير المسلحين، مؤكداً أنه لم يتمّ التعلّم من دروس العراق وأفغانستان وليبيا.

و حمّل ذات الموقع المسؤولية فيما يقع لفرنسا بالضعف الذي يميز سياستها الخارجية لا سيما في إفريقيا، و النفوذ الذي تراجع في الآونة الأخيرة بالقارة السمراء لفائدة روسيا و الصين.

و ضرب المنبر الصحفي المثال على ذلك بالأعلام الروسية التي رفرفت في العاصمة نيامي مباشرة بعد الانقلاب، وهتافات “عاش بوتين” التي أطلقتها الحشود التي هاجمت السفارة الفرنسية، و هو ما يفسر نجاح موسكو في احتكار الشارع الإفريقي، مضيفا أن روسيا تستفيد من المشاعر المعادية لفرنسا.

وتابع الموقع بأنه لم يكن لدى الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، الذي أطلق التدخل في منطقة الساحل، ولا خليفته إيمانويل ماكرون، “الشجاعة” لإصدار الأوامر بالإخلاء الكامل، حتى عندما أصبح الفشل السياسي العسكري لفرنسا أكثر وضوحاً.

وبحسب “لوبوان”، فإنّ السلطات الفرنسية أغرقت نفسها في الخطأ لعدة أسباب، منها أنّ هذه السلطات “استسلمت” لفكرة أنّ دوراً عسكرياً كبيراً في أفريقيا من شأنه أن يزيد من الوزن الدبلوماسي لفرنسا في أوروبا وفي العالم.

من جهة أخرى، و منذ إعلان الانقلاب على الحكم في النيجر وحتى اليوم، لم يخف الفرنسيون قلقهم من تداعيات ما يجري، خصوصا بعد الهجوم على سفارتهم، وإضرام النار بإحدى أجزائها، مع انتزاع بعض المتظاهرين اللوحة التي تحمل عبارة “سفارة فرنسا في النيجر” و الدوس عليها مع استبدالها بعلمي روسيا والنيجر.

إلى ذلك، أفادت تقارير إعلامية بإصدار النيجر قرارا صادراً عن رئيس المجلس الوطني، عبد الرحمن تياني، بوقف صادرات الذهب واليورانيوم إلى فرنسا.

من جانبه عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت الماضي، اجتماعاً أمنياً طارئاً لبحث التداعيات، وهو ما يؤكد قلق باريس بشأن مصالحها في البلد الإفريقي الذي يشهد انقلابا عسكريا.

هذا و أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنها ستبدأ إجراءات إجلاء رعاياها من النيجر مع إرسال طائرات عسكرية غير مسلحة لإجلاء الفرنسيين والأوروبيين الراغبين في مغادرة البلاد بعد عملية الانقلاب.

يذكر أنّ باريس ركّزت استراتيجيتها الجديدة في إفريقيا على النيجر بعدما تم طرد قواتها في كل من مالي وبوركينا فاسو، وذلك بهدف تنفيذ أهدافها الجيوسياسية في غربي إفريقيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى