خطاب كابرنات الجزائر بين القوة الإقليمية وحقيقة الوضع المزري الذي تعيشه البلاد

من يشاهد الأخبار والصور التي تتداولها القنوات التليفزيونية الرسمية الجزائرية حول الوضعية الوبائية وغيرها، يعتقد لوهلة أن بلاد المليون ونصف المليون شهيد هي فعلا قوة إقليمية داخل القارة السمراء، لكن لا يكمن لقادة العسكر أن يواصلوا حجب أشعة الشمس بغربال إلى ما لا نهاية، فصور المعاناة بدأت تتسرب خارج الحدود، ورائحة الموت اللعين، نتيجة تفشي الوباء وغياب الأوكسجين وندرة المياه الصالحة للشرب، أضحت غيمة سوداء فوق جل ربوع الولايات والمدن الجزائرية.

إن كان النظام الحاكم للجارة الشرقية يحاول تصريف الأزمة الداخلية وما تعانيه البلاد بشتى الطرق، فتارة يروج أن المروك يهدد سلامة البلاد، وتارة أخرى يطالب الحذر من التوغل الإسرائيلي في منطقة شمال إفريقيا واصفا إياها بالعدو، أو بتقديم مسرحية جديدة فاشلة الإخراج عبر تصوير وصول الرئيس والمدير العام الأسبق لمجمع “سوناطراك” عبد المومن ولد قدور، المطلوب في قضايا فساد، مكبل اليدين قادما من الإمارات العربية المتحدة. وقد لقيت هذه المحاولة لإيهام الشعب أن النظام يحاب الفساد استهجانا كبيرا من طرف الشعب الذي أكد أنها فقط صراعات أجنحة فقط وأن الفاسدين بالآلاف يتمتعون بحريتهم.

خطاب كابرنات الجزائر بين القوة الإقليمية وحقيقة الوضع المزري الذي تعيشه البلاد

الحقيقة الموجعة  

في غياب قدرة قادة الجزائر على قول الحقيقة وإظهار صور المعاناة التي تجتاح البلاد وتدهور الأوضاع الصحية بفعل تفشي وباء كوفيد-19، رغم استرسال إخفاء الأرقام الحقيقية سواء للإصابات أو الوفيات، علما أن الجزائر من الدول القليلة التي استفاد مواطنوها من التطعيم. فحسب الوزارة الأولى الجزائرية، إلى حدود نهاية يوليوز الماضي فقط قرابة 3.5 مليون شخص تلقى التلقيح بالجزائر منذ انطلاق عملية التلقيح.

لكن الصور والفيديوهات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي تؤكد أن الجارة الشرقية تمر بواحدة من أسوء فصولها، حيث تعرف عدة مستشفيات ندرة خانقة للأوكسجين وأن عدد من الأطباء والمواطنين تداولوا مقاطع مصورة لهم داخل وأمام بوابات عدة مصحات وهم يتباكون على غياب الأوكسجين وأن أقاربهم في حالة حرجة، كما يتأسفون على غياب اهتمام المسؤولين بهم وتغاضيهم عن زيارة المستشفيات في هذه الفترة الصعبة. آخر هذه الفيديوهات كان لطبيب بمستشفي بمنطقة صبحة (ولاية شلف) الذي يلتمس من السلطات تزويدهم بالأوكسجين.

ولعل حادث محاصرة الشاحنة الناقلة للأكسجين التي كانت متوجهة إلى أحد المستشفيات بولاية تلمسان من طرف مواطنين بسيدي بلعباس ومحاولة إرغامها على التوجه لمصحة بهذه الولاية بسبب حاجتهم إلى هذه المادة المستخدمة في العلاج الطبي، لخير دليل على واقع ما تعيشه الجارة الشرقية من أوضاع كارثية.

المستشفيات في الجرائر لا تعاني فقط من نقص حاد، بل غياب الأوكسجين، بل هناك مستشفيات تعاني أيضا من غياب الماء الصالح للشرب، كما هو الحال في مستشفيات بمنطقة ذراع بن خدة في ولاية تيزي وزو.

آخر فضائح أصحاب أحسن منظومة صحية في إفريقيا، بل وفي العالم أجمع، كانت من نصيب أيمن بن عبد الرحمان، رئيس الوزراء الجزائري المعين مؤخرا، الذي أرسل زوجته وأبنائه بسبب إصابتهم بكورونا للعلاج في فرنسا بسبب نقص الأكسجين في المستشفيات الجزائرية، حيت أكد عدد من الأنترنوت أن الوزير الأول نفسه كان قد أصيب واكتفى بالبقاء في بيته لأن إصابته كانت خفيفة.

خطاب كابرنات الجزائر بين القوة الإقليمية وحقيقة الوضع المزري الذي تعيشه البلاد

 

عندما تتحول الأزمة إلى سخرية من نظام العسكر

في الوقت الذي تتخبط فيه الجزائر بين ضغط الشارع، ووضعية صحية أقل ما يقال عنها أنها كارثية، وبين مسؤولين احترفوا ترويج أطروحة “نحن الأفضل”، تناقلت عدد من الصفحات الفيسبوكية لصور لانتهاء المغرب من بناء أكبر مستشفى في إفريقيا والذي شيد بمدينة طنجة، معربين عن أملهم أن تصل صور هذه المعلمة الصحية إلى صاحب قولة “نحن نملك أحسن منظومة صحية في أفريقيا حب من حب وكره من كره”.

خطاب كابرنات الجزائر بين القوة الإقليمية وحقيقة الوضع المزري الذي تعيشه البلاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى