فرنسا استنزفت ولازالت تستنزف خيرات الجزائر… وعبد المجيد تبون مخاطبا إيمانويل ماكرون: “الله يرحم من زار وخفف” (كاريكاتير)

“كتعيا اليد اللي كتعطي وما كتعياش اليد اللي كتاخذ”، قول مأثور دَأُبَ الأجداد على توظيفه لتوصيف واقع ومآل العطاء الغير مقنن وإلى ما يُفْضِي له من كوارث لا يتحملها إلا من فتح خزائنه ذات غفلة وغباء مبين لمن ليس أهلا لها.

الجزائر، بلد المليون شهيد المسجلين على عاتق المستعمر الفرنسي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أسست لعلاقات اقتصادية غير متكافئة مع الشريك الفرنسي، كحال اليتيمة التي تنتظر من عمها الكفيل أن يحرص على إثرها، فيستولي العم الجَشِعْ على كافة مقدراتها ويتأمل ظهور غنائم أخرى قد تسعفه الأقدار لأن يضع يده عليها باسم نفس اليتيمة الموضوعة تحت وصايته القانونية. وفرنسا لم تغادر الجزائر رسميا إلا بعد أن تأكدت أنها خَلَّفَتْ ورائها مقاطعة فرنسية بالقارة الإفريقية، طيعة وسهلة المنال وتُدَارُ عن بعد. والنتيجة كانت أن أصبح المواطن الجزائري يُنعت  ﺑ “ابن فرنسا غير الشرعي” كلما نشب نقاش أو شنآن بينه وبين جيران المنطقة المغاربية، لأن حكام الجزائر المفلسين سياسيا سحقوا الهوية الوطنية وكَرَّسُوا لمنطق “أدخلوها بصباطكم”، فصار الفرنسيس وغيرهم يضعون بلاد الكابرانات في دكة الاحتياط، إذا ما استجد طارئ “نفطي-غازي” على الساحة الدولية يهرعون إلى الأنابيب الجزائرية لسد الخصاص. لكن يبقى السؤال المطروح: هل الجزائر شريك اقتصادي أولوي أم مجرد وسيلة لإدارة الأزمات الطارئة؟؟.

وما الحرب الأوكرانية- الروسية إلا خير دليل على كون الجزائر مجرد سد فراغ تتقدم نحوها القوى الاقتصادية الدولية كلما استنفذت كافة حيلها. فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير الماضي، ازداد توهُج الغاز الجزائري في عين فرنسا الماكرونية، بفعل البحث عن البدائل الكفيلة لسد النقص الحاد في إمدادات الغاز الطبيعي في حال قطعها من جانب روسيا، لكن الجزائر لم تصل بعد إلى الاستخدام الأمثل لهذه الثروة الطبيعية كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وحتى مع روسيا لانتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والتنازلات السياسية والاقتصادية لصالحها.

وأيا كانت المكاسب المفترضة من شراكة تبون-ماكرون النفطية، فالجزائر ماضية في منحدر لا مناص منه، استنزف عجلة التنمية في البلاد وضَخَّمَ غطرسة فرنسا الاستعمارية، صار معها الانفجار في وجه ساكن قصر الإليزيه واجبا وطنيا بالقول: “الله يرحم من زار وخفف”.

ولكل من يسأل عن الثمن، فإن ملف حقوق الإنسان الأسود بالجزائر كان القربان الذي قدمه إيمانويل ماكرون لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون وحجب عنه شظاياه داخل قبة البرلمان الأوروبي مقابل فتح أنبوب الغاز والنفط في وجه فرنسا الماكرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى