اتفقوا على أن لا يتفقوا.. غياب تام للتنسيق المشترك وتوحيد الرؤى ويحاولون عبثا ادعاء الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب

لعل من أهم ما يميز عمل الجمعيات والهيئات الحقوقية وإن اختلفت بقاع تواجدها، هو حضور عامل التنسيق الوثيق بينها ومحاولة توحيد الرؤى، لاسيما وأن هدفها واحد هو تشخيص واقع حقوق الإنسان بالمغرب كما تدعي. إنها الجمعيات “العقوقية” المتواجد بعضها داخل أرض الوطن والآخر ببلاد المهجر، بفرنسا تحديدا، والدائمة الانشغال بكيفية تخليص أبناء العشيرة من مقصلة القانون والقضاء.
مناسبة الحديث أعلاه تجد صداها فيما سيشهده يوم ال24 يونيو الجاري من تنظيم ندوتين بشكل متزامن واحدة بالعاصمة الفرنسية باريس والأخرى بنانتير، تغوص كلتاهما في واقع حقوق الإنسان بالمغرب من بوابة أبناء العشيرة الحقوقية إياها ممن تورطوا في جرائم الحق العام، إلا أن من يعتبرون أنفسهم حراس المعبد الحقوقي بالمغرب يسعون جاهدين لجعلهم أبطال قوميين دفعوا ثمن آرائهم على شكل عقوبات سجنية.
قراءة سريعة في مضمون الورقتين التعريفيتين لكلتا الندوتين تجعلنا نستشف أن الجهات المنظمة لا تدخر جهدا في محاولة الاستفراد بمضمار حقوق الإنسان بالمغرب على اختلاف إيديولوجيات المنتسبين له. فيكفي العلم أن حنان حاكي شقيقة محمد حاكي الذي يقضي محكوميته على خلفية أحداث الريف، ثم أسماء أعراب باعسو ابنة القيادي بجماعة العدل والإحسان محمد أعراب باعسو المتابع بتهمتي التحرش الجنسي والبغاء، ضمن أبرز الوجوه المؤثثة لفقرات ندوة جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب المزمع تنظيمها بمدينة نانتير على الساعة الخامسة مساء وستختتم أشغالها على الساعة السابعة والنصف بحفل شواء حددت قيمة تذكرته في 10 يورو، وكأن الجمعية إياها تفتح مورد رزق جانبي لها على حساب المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وهي تلتهم الشواء على شرفهم.
وفي نفس اليوم وعلى الضفة المقابلة، أي على بعد 13 كيلومتر عن مدينة نانتير، بباريس تحديدا، سيلتئم شمل رعاة حقوق الإنسان الريفي بشكل خاص والمغربي بشكل عام، بتنظيم مشترك مع المنظمة الجزائرية غير الحكومية “ريبوست إنترناشيونال”، وهناك سيتم تحوير النقاش كما جرت العادة، حول الجرائم التي اقترفها المعتقلون المغاربة، سواء أكانوا من الريف أو إسلاميين، للطعن طبعا في ذمة القضاء المغربي وتصوير البلاد ومؤسساتها على أنها تتعقب آثار كل من جهر برأيه.
وفي الختام تطفو على السطح أسئلة وجيهة من قبيل. لماذا لم تلتحم هذه الجمعيات الحقوقية فيما بينها وتنظم ندوة واحدة ذات مضمون وتوجه واضحين؟ ما الداعي لهذه الانقسامات في الرؤى خصوصا وأن الندوتين تنظمان في نفس البلد أي فرنسا؟ وبأي معنى تنتظر الجهات المنظمة للحدثين أن تقنعا الرأي العام الوطني والدولي بمصداقية الطرح الحقوقي الخاص بهما طالما فشلا في توحيد كلمتهما؟ وهنا صح في أبناء العشيرة الحقوقية المتعنتين فيما بينهم “كل يغني على ليلاه وليلى لا تريد أحد”.