بعد شكاية مذيلة بتوقيعات صحافيين وأجراء في جريدة أخبار اليوم.. فضيحة اختلاس وتبييض أموال الدعم العمومي تورط محيط توفيق بوعشرين

قام القضاء المغربي في نهاية الأسبوع الحالي بإصدار قرار يقضي بإغلاق الحدود في مواجهة زوجة وشقيقة توفيق بوعشرين، وفي حق مسير سابق لشركة ميديا 21 الناشرة لجريدة أخبار اليوم، وذلك على خلفية البحث القضائي الذي تباشره الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في شبهة تورط المعنيين بالأمر في قضية اختلاس وتبديد أموال الدعم العمومي المقدم للجريدة، وتبييض هذه الأموال في مشاريع وحسابات خصوصية.
ووفق مصادر قضائية، فإن النيابة العامة قررت الإذن للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بسحب جوازات سفر المعنيين بالأمر وإغلاق الحدود في مواجهتهم، طبقا لأحكام المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية، وذلك لتسريع مسار البحث ومطالبة المشتبه فيهم بالإدلاء بكافة الاثباتات والكشوفات المحاسبتية التي تبرر طرق ومآلات صرف أموال الدعم العمومي الذي قدمته الدولة للجريدة وللصحافيين العاملين بها.
وأكدت مصادر مطلعة، أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء كانت قد توصلت في وقت سابق بشكاية مذيلة بتوقيعات صحافيين وأجراء في جريدة أخبار اليوم، يطلبون فيها فتح بحث قضائي بخصوص مآل صرف أموال الدعم العمومي الذي توصلت به الجريدة من وزارة الثقافة والاتصال في عهد وزيرها السابق عثمان الفردوس.
وقد تضمنت هذه الشكاية الجماعية ما يشبه الوشاية بكون تلك الأموال العمومية قد تعرضت للاختلاس، وتم تحويل وجهتها نحو حسابات خصوصية في ملك مقربين من مدير النشر السابق توفيق بوعشرين، المعتقل حاليا بالسجن على خلفية قضية تتعلق بالاتجار بالبشر والاغتصاب وهتك العرض.
ووفق منطوق هذه الشكاية/الوشاية، فإن عددا من الصحافيين والأجراء اضطروا للاحتجاج والاعتصام بمقر الجريدة بسبب عدم صرف أجورهم ومستحقاتهم لمدة طويلة، بينما علموا من مصادر إعلامية بأن الدولة ممثلة في الوزارة الوصية على القطاع قد صرفت وقتها أكثر من مليونين و200 ألف درهم للجريدة في إطار الدعم العمومي المقدم للمقاولات الإعلامية والعاملين فيها.
وقد تزامنت هذه الشكاية حينها مع سلسلة تدوينات لمدير النشر السابق لجريدة أخبار اليوم، والذي كان قد أعلن فيها عن “تسريحه وإعفائه تعسفيا بسبب رفضه صرف راتب شهري بقيمة 20 ألف درهم لفائدة زوجة توفيق بوعشرين، وآخر لمحام عضو في هيئة الدفاع عن هذا الصحافي بقيمة 10 ألاف درهم”، وهي الأجور التي اعتبرها المعني بالأمر “تفتقد للمشروعية والمبرر الموضوعي”.
كما تدخلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية وقتها على الخط حيث اعتبرتها “اختلالات متراكمة في التدبير المالي والإداري للشركة الناشرة لجريدة أخبار اليوم”، معتبرة بأن تلك أن هذه “الاختلالات تشكل خطرا حقيقيا على حقوق ومكتسبات الصحافيين وبقية العاملين”.
في الوقت الذي كانت فيه النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء والفرقة الوطنية للشرطة القضائية تبحثان في شكاية الصحافيين والأجراء بخصوص شبهة اختلاس أموال الدعم العمومي الموجه لجريدة أخبار اليوم، دخلت وحدة معالجة المعطيات المالية بدورها في هذه القضية، بعدما رصدت تحويلات مالية مشبوهة في حسابات جريدة أخبار اليوم والشركاء في شركتها المحدودة المسؤولية.
وقد أحالت وحدة معالجة المعطيات المالية تصريحا بالاشتباه على النيابة العامة المكلفة بقضايا غسل الأموال، تثير فيه الانتباه إلى وجود حركية مشبوهة لتحويلات وسحوبات مالية تنطوي على عناصر تأسيسية مفترضة تقوم معها جريمة غسيل الأموال.
وقد قررت النيابة العامة ضم هذا التصريح بالاشتباه إلى الشكاية الجماعية للصحافيين، والتي تشير إلى فرضية اختلاس أموال عمومية، مع تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمباشرة البحث في كل هذه التهم الجنائية المرتبطة بالفساد المالي.
ورغم التكتم الشديد الذي رافق البحث في هذه القضية لعدة أشهر، كشفت ذات المصادر معطيات مؤكدة مفادها أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية راسلت وزارة الاتصال لمعرفة مآل صرف أموال الدعم العمومي المخصص لجريدة أخبار اليوم، كما راسلت عدة مؤسسات بنكية ومصرفية للتحقق من التحويلات المالية المنجزة، وأن هذه الانتدابات خلصت إلى تجميع معطيات تفضح تحويلات مشبوهة.
كما أوضحت مصادر إعلامية، بأن فريق البحث استمع لإفادات صحافيين سابقين في جريدة أخبار اليوم، ممن حركوا الشكاية الجماعية التي توصلت بها النيابة العامة، وذلك كشهود إثبات على شبهة اختلاس أموال عمومية وتحويل مسارات صرفها لأغراض شخصية، خصوصا وأن العديد منهم كان ضحية تسويف ومماطلة، في الوقت الذي كانت فيه الدولة تصرف أموال الدعم العمومي للصحيفة.
ومن الأمور التي تورط ذمة النصف الثاني لتوفيق بوعشرين وشقيقته، حصولهما بصفة شخصية على مبالغ مالية يشتبه في كونها من أموال الدعم العمومي، وصرف أتعاب العديد من المحامين من هذا المال العمومي المخصص للصحافيين وللمقاولة الإعلامية، إذ يركز البحث القضائي حاليا على التحقق من كل هذه الشبهات، وتقدير مبالغ هذه الأموال، ومدى صرفها في غير الإطار القانوني المحدد لها وهو مساعدة الجريدة والعاملين بها.
ومن المنتظر أن تعرف هذه القضية تطورات خطيرة في الأيام القليلة المقبلة، بعد انتهاء إجراءات البحث التمهيدي الذي تباشره الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ورفع السرية القانونية عن نتائج البحث القضائي الجاري.