إصلاح ملف أنظمة التقاعد: الموظف المغربي بين سندان الحكومة ومطرقة المركزيات النقابية

لا يزال الحوار الاجتماعي بين المركزيات النقابية والحكومة متواصلا بشأن إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، دون التوصل إلى حلول واقعية وجذرية من شأنها حل معضلة هذا الملف الذي يؤرق بال العديد من المواطنين وكذا النقابات الأكثر تمثيلية، وذلك لكون التشخيص المقدم من طرف الحكومة لهذه الصناديق تنقصه عدد من المعطيات حسب ما كشفت عنه سابقا الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لمصادر إعلامية متطابقة.

الملف الذي يعتبر من الملفات الشائكة الموضوعة على طاولة الحوار بين الأطراف المعنية، تطرق إليه تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021 والذي تم نشره في الجريدة الرسمية، حيث اعتبر أن ضمان ديمومة منظومة التقاعد على المدى الطويل يقتضي الإسراع في تنزيل ورش الإصلاح الهيكلي لنظام التقاعد، لاسيما فيما يخص توسيع الانخراط في أنظمة التقاعد سنة 2025 ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش.

وذكر تقرير المجلس لسنة 2021، أن “أنظمة التقاعد الأساسية، و رغم الإصلاحات المقياسية التي همت بالأساس كلا من نظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 2016 وكذلك النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في سنة 2021، لم تمكن من تحقيق التوازنات المالية لهذه الأنظمة”، وهو الأمر الذي أدى إلى اقتراب نفاذ احتياطاتها في آجال متفاوتة.

وفي هذا الصدد، أفاد قيادي نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وعضو لجنة إصلاح التقاعد، أن المجلس الأعلى للحسابات لم يأت بأي جديد في الملف، واكتفى بذكر مشكل صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس، في ظل عدد من السياقات التي تشهدها المملكة.

وأوضح ذات المتحدث أن المجلس دائما يردد نفس اللازمة لكنه لا يتحدث عن سوء التدبير وغياب الحكامة والأموال المختلسة، مؤكدا على أن المشكل الحقيقي للأزمة اليوم ألا وهو غياب التشغيل و التسامح مع خرق القانون في عدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي cnss وأداء المعاشات العسكرية من المعاشات المدنية.

وفي آخر لقاء بين الحكومة والنقابات المركزية، والذي خصص لتحيين أرقام وضعية صناديق التقاعد من قبيل عدد المنخرطين المتقاعدين وعدد الانخراطات السنوية بتاريخ 22 فبراير الماضي، أكد ذات المصدر، أن التشخيص المقدم مازالت تلزمه بعض المعطيات، بحيث أن الحكومة قدمت لهم وثيقة حول وضعية هذه الصناديق وفيها عدد من الأرقام، وهو الأمر الذي رفضت النقابات مناقشته في حينه، على اعتبار أن وثيقة كهذه يجب أن ترسل مسبقا للأطراف المعنية لتدارسها قبل مناقشها في اللقاء.

وأضاف المتحدث أنه، رغم ذلك، سجلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعض النقاط التي لم تراعها الحكومة في الوثيقة، مبرزا أن تحيين وضعية الصناديق توقف بتاريخ دجنبر 2022، في حين سبق أن طالبوا بتحيينها إلى غاية دجنبر 2023، كما أن معطيات الوثيقة لم تتضمن تأثير المتعاقدين الذين انضافوا مؤخرا لصندوق التقاعد وكذا لم تتم الإشارة إلى مدى تأثير العمال غير الأجراء على صناديق التقاعد وتأثير إصلاح 2016 كذلك، ما دفعنا للمطالبة بمزيد من الوثائق التي بناء عليها قاموا بتشخيص وتحيين وضعية نظام التقاعد بالمغرب”.

وطالبت النقابات، يستطرد المتحدث ذاته، بموعد آخر لمناقشة هذه الوثائق وهو ما وافقت عليه الحكومة، لكن دون تحديد موعد معين، نظرا لأن بعض الاقتراحات صبت في تخصيص اجتماع قبل شهر رمضان وبعضها الآخر صب في تحديد تاريخ بعد الشهر الفضيل. ولحد الساعة لم يتم الإعلان عن أي موعد محدد لاستئناف الحوار الاجتماعي بخصوص هذا الملف الشائك.

وتنتظر النقابات من الحكومة تقديم مقترحات مغايرة تماما لما ورد في دراسة أعدها مكتب دراسات خاص، سبق وأن عرضت الحكومة مضامينها على النقابات، حيث تقترح رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع نسبة الاشتراكات واعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص.

وكانت المركزيات النقابية قد عبرت في وقت سابق عن رفضها لما أسمته بـ”الحلول الترقيعية” لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، معلنة في المقابل تمسكها بإصلاح شامل لأنظمة يتجاوز الإصلاح المقياسي الذي بدأته حكومة بنكيران، دون المس بحقوق وجيوب الموظفين والأجراء، عبر اللجوء إلى الرفع من سن المعاشات وإقرار الزيادة في نسب الاقتطاعات.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى